يبدو أن عصر الفساد والمفسدين قد ولّى وفقد بريقه وتأثيره، حيث وجدت السلطة التنفيذية طرقاً جديدة وأساليب حديثة في مكافحته والقضاء عليه. «مكافحة الفساد» أصبحت شعاراً وأيقونة السلطة التنفيذية في العهد الجديد، فهل كان الفساد شبحاً كل هذه السنين لا يمكن رؤيته وتتبُّعه، بالرغم من صِغَر مساحة الدولة، وتمتّع السلطة التنفيذية بجهاز معلوماتي واستخباري جيد وشعب طيب محب لوطنه وقيادته، ولم يعتد الفساد، بل إنه شعب يمقت الفساد ويكره الفاسدين والمفسدين؟!

وأخيراً، اقتنعت الحكومة بارتداء «نظارة كشف الفساد» بعد أن تقدم بها العمر؟! فهل ستستمر بارتدائها طول الوقت 24/7days a week؟! أم أن السلطة التنفيذية ستنزع هذه النظارة خلال فترة المساء وخلال عطلها الأسبوعية وإجازاتها الرسمية؟!

Ad

وهل كان لمجلس الأمة دور في تأخُّر وتردد السلطة التنفيذية بعدم ارتداء نظارة مكافحة الفساد، حيث كان المجلس طوال هذه السنوات يراوغ بشأن ارتداء هذه النظارة، لأنه لم يعتدها، بسبب ممارسة مصالحه النيابية الضيقة، حيث إن ارتداء النظارة سيسبب له غبشاً بالرؤية وحساسية في قرنية العين وشبكيتها، وانحرافاً عن مصلحة بعض الناخبين؟!

إنه تحوّل حَسَن أن تلبس السلطة التنفيذية «نظارة كشف الفساد»، فالشعب الكويتي أصبح «زرقاء اليمامة» في كشف الفساد وأساليبه المتعددة منذ زمن بعيد، لكنّ المطلوب من السلطة التنفيذية متابعة بؤر الفساد ومصادره والقضاء عليها وتجفيف منابعه ومحاكمة قادته وروّاده ومتعهديه.

لقد كشفت عدسات «زرقاء اليمامة» الكويتية مروّجي الفساد في كل ركن وزاوية من زوايا السلطتين التنفيذية والتشريعية خلال العقود الماضية، وأشارت بالبنان إلى مافيا الفساد وأنواعه وأشكاله المتعددة، وطالبت بمحاكمة الفاسدين والمفسدين منذ زمن طويل! لكن يبدو أن السلطتين كانتا خلال السنوات الماضية مصابتين بـ «متلازمة أشر»، وهي حالة فقد السمع وضعف النظر!

واليوم نحمد الله أن قد منّ على السلطة التنفيذية بنعمة علاج ضعف النظر من خلال «نظارة كشف الفساد»، ونتمنى أن يُنعم المولى عليها بنعمة اكتشاف جهاز أو أسلوب جديد يمكّنها من إعادة نعمة السمع لها، لتكتمل فرحة الشعب الكويتي بأن السلطة التنفيذية ترى وتسمع ما رءاه ويراه الشعب من فساد وسوء إدارة في السلطتين التنفيذية والتشريعية خلال العقدين الماضيين. أتمنّى أن تستمر السلطة التنفيذية بنهجها الجديد في كشف الفساد ومكافحته، وتقنع شريكتها السلطة التشريعية، مستقبلاً، بضرورة ارتداء «نظارة كشف الفساد»، ليس فقط أثناء لقاء السلطتين في مجلس الأمة، ولكن في جميع أوقات عملها 24/7days a week، وخاصة أثناء مناقشة برنامج عمل الحكومة والميزانية العامة للدولة وإقرار وتنفيذ ومتابعة المشاريع التنموية والاستراتيجية، فقد تأخرنا كثيراً في محاربة الفساد بأنواعه وأشكاله كافة.

ودمتم سالمين.