بينما يستمتع الزوار بمشاهدة الكنوز الأثرية في قاعات المتحف القومي للحضارة المصرية بالطابق العلوي، يعمل في الطابق السفلي من المتحف مرممون يرتدون معاطف بيضاء ناصعة أشبه بالجراحين، لإعادة الحياة إلى قطع أثرية يعود تاريخ معظمها إلى آلاف السنين.

وفي داخل معمل ترميم الآثار الحجرية، يتعامل المرممون مع قطع أثرية يتجاوز وزنها 120 كيلوغراماً، مستخدمين رافعة علوية (ونش) لرفع الأجزاء الضخمة وإعادة تركيبها.

وقالت القائمة بأعمال رئيس المعمل خلود خيري، في تصريح نقلته "شينخوا" أمس، إن «هذا هو المعمل الوحيد المجهز بونش ليساعدنا على رفع وإعادة تجميع مثل هذه القطع الثقيلة».

Ad

وأشارت خيري إلى تمثال ضخم كان قد تحطم إلى ستة أجزاء، موضحة كيف أعادت هي وفريقها تركيبه تدريجياً. وقالت إن «الترميم يتم خطوة بخطوة. أحياناً تكون هناك أجزاء مفقودة من الأثر، لكن بفضل البرامج الحديثة يمكننا تصور الأجزاء المفقودة وإعادة بنائها بدقة كبيرة».

وأكدت أن الهدف ليس تجميل القطع الأثرية، بل الحفاظ عليها، مضيفة: «نرمم لتدعيم ما تبقى من الأثر، لا لتجميل الأثر».

وعلى بعد خطوات عرض الباحث أحمد علي الجانب الرقمي من عملية الترميم عبر جهاز الكمبيوتر الخاص به، موضحاً أنه قبل أي تدخل عملي، تخضع كل قطعة لعملية توثيق هندسي ثنائي وثلاثي الأبعاد.

وقال علي: «في التوثيق ثنائي الأبعاد، نحدد الأبعاد والأجزاء المفقودة. أما في التوثيق ثلاثي الأبعاد، فيمكننا تدوير التمثال افتراضياً ورؤيته من كل الجهات وفحص كيفية تركيب الأجزاء المفقودة المحتملة».

ومعمل ترميم الآثار الحجرية ليس سوى جزء من مركز الترميم والصيانة بالمتحف القومي للحضارة المصرية، وهو أحد أكثر مراكز الترميم تقدماً في المنطقة.

ويشمل المركز وحدة استقبال تعمل كمنطقة حجر صحي للآثار، ومعملاً لترميم المومياوات مزوداً بحضّانات نيتروجينية وأجهزة للتحكم في درجة الحرارة والرطوبة وشدة الضوء، ووحدة لترميم الأيقونات واللوحات الزيتية، وأخرى لترميم الآثار العضوية بها معامل لترميم الآثار الخشبية والمنسوجات والمخطوطات، بالإضافة إلى وحدة لترميم الآثار غير العضوية مثل الفخار والزجاج والمعادن والقطع الحجرية الصغيرة.