بعكس الإيرانيين والأتراك وشعوب العالم العربي، لم يوفق الكرد في بناء دولتهم الكردية، بعد انهيار الدولة العثمانية 1918.

أغلب الأسباب معروفة لهذا الفشل ومدروسة ولكن مهما كانت الأسباب ومهما كانت مسؤولية الكرد أو جيرانهم أو غيرهم في ذلك، فإن الأكراد اضطروا للسير في طريق جبلي مليء بالأشواك لسنين طويلة وربما مازالوا على الدرب.

Ad

خصصت «مجلة المعرفة» الصادرة في المملكة العربية السعودية قبل أعوام ملفاً كاملاً للحديث عن المشكلة الكردية قال فيه معد الملف إن الأكراد أيتام العالم، وإن الكرد يتبعون السراب وعندما تنتهي مغازي هذه الدول يرمون إلى النسيان والإهمال.

وعن تأثير الإهمال السياسي على الإنسان الكردي، قال إنه نال من شخصية الإنسان الكردي وجعلها متناقضة مع طبيعة بلاده الخلابة وإمكانات كردستان الطبيعية وثرواتها، فصار هو الآخر موزعا والقسوة بين الغني والفقير وحتى بأزيائهم الخاصة، ولا يجمعهم على ذلك غير عيد النيروز.

وأضاف أنها حكاية شعب يئن تحت وطأة التحلل أو الهروب الدولي من مسؤولياته وأرهقته الوعود الكاذبة التي ظهرت في تاريخه الطويل لمجرد أنها حكاية أطول من ذلك بكثير وأوجع من ذلك بكثير (انظر العدد 115، المعرفة، نوفمبر 2004).

إن جهداً عظيماً يحتاجه تنظيف الحياة السياسية إن كان ذلك ممكناً من الأساس، وذلك لقدم «مؤسسة» الفساد وتشابك عروقها كما يكتشف الكرد انفسهم في كل مرحلة.

كتبت جريدة كردستان قبل أكثر من قرن تشرح تقاسم أموال الرشوة بين المسؤولين في زمن السلطان عبدالحميد الثاني وما كان سارياً في مناطق الكرد كانت له ما يماثلها في المنطقة العربية.

«يأخذ الباديشاه الرشوة من أحد الوزراء بحدود (20 - 30) ألف ليرة ذهبية لتعيينه في منصب الصدر الأعظم، ثم يبدأ الصدر الأعظم بقبض الرشوة بآلاف الليرات الذهبية من أحدهم لتعيينه وزيراً. وقد يعطي أحد أولئك الباشوات للصدر الأعظم ألف ليرة ذهبية ويتعين والياً على مدينة ديار بكر، وهذا الوالي، لكي يعوض ما دفعه من الرشوة، يبدأ بالارتشاء. ومن أكثر من الرشوة صار متصرفاً ومن دفع رشوة إلى المتصرف أصبح قائمقاماً، والرشاوى التي يقبضها إنما يقبضها من الأكراد الفقراء». (مجلة کردستان)

ويتحدث کتاب آخر عما فعله بعض الكرد لأسباب الانقسام السياسي أو الولاء الزعابي أو غير ذلك:

«قصف الجيش العراقي مدينة حليجة الكردية عام 1988 بالسلاح الكيمياوي وراح ضحية القصف 5000 إنسان بريء. وفي نفس الوقت يحسن التذكير للأمانة العلمية بأن الطرفين المتحاربين أواسط التسعينيات في كردستان: الاتحاد الوطني الكردستاني (جلال طالباني) والحزب الديموقراطي الكردستاني (مسعود البرزاني)، تسببا في قتل أكثر من أربعة آلاف وجرح مئات الآلاف وتشريد آخرين وخطف مجموعات وسجن أخرى في إمارتي أربيل حيث البارزاني والسليمانية حيث الطالباني. كما قتلت ميليشيات البرزاني كثيراً من أكراد تركيا بالتنسيق مع القوات التركية. وحارب الطرفان معاً حزب العمال الكردستاني PKK بحجة أنه حزب يساري وساهما مع القوات التركية في قمع مناضليه وفي المقابل ساهم حزب العمال الكردستاني في ترويع سكان القرى شمال سورية وجنوب شرقي تركيا وتدمير قرى بكاملها بحجة تعاونها مع العدو. ذلك ما أخبرنا به العديد من مناضلي هذا الحزب الذين تعرفنا عليهم في دمشق وحلب واسطنبول بعد أن تخلوا عن هذا الحزب. ورغم ذلك يظل أوجلان رمزاً مثله في ذلك مثل البرزاني وجلال الطالباني، فللنضال ضروراته الخاصة».

(انظر إسلام الأكراد- هامش ص 34/35 د. تهامي العبدولي- بيروت 2007).