الهجمات الإرهابية التي نفذتها اليد الآثمة لسرطان الاحتلال الإسرائيلي على أرض دوحة العرب أمس، والتي استهدفت سياسيين في حركة حماس كانوا يناقشون مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في الأراضي المحتلة، ليست سوى حلقة من مسلسل البلطجة والاستعلاء والغطرسة بالقوة الذي لا ينتهي، لسحق كل المواثيق والأعراف الدولية على مرأى ومسمع من كل العالم بكياناته البراقة وهيئاته السياسية ومنظماته الأممية.

تأتي هذه الهجمات على الشقيقة قطر وانتهاك أجوائها وسيادة أراضيها، في وقت كانت تمارس وساطتها للتوصل إلى حل ومخرج من هذا الجحيم الذي فرضته قوات الاحتلال على قطاع غزة بأطفاله ونسائه وأبريائه، والتي استخدمت فيه أحقر أساليب القصف والانتهاك والتجويع والتفجير، لكن منطق الاحتلال لا يعترف بغير البلطجة والهمجية ولغة النار والقصف، فأبت إلا أن تفسد هذه الجهود حرصاً منها على استمرار الحرب وتوسيع التهديد، ليشمل المنطقة كلها ويضعها على فوهة بركان إذا ثار فمن المحال أن يعود سريعاً إلى هدوئه قبل أن تحل بالمنطقة المصائب الجمة والخسائر التي لا تعوض.

Ad

قطر جزء نابض بمجلس التعاون الخليجي، وعليه فليست الدوحة وحدها التي انتُهِكت أراضيها وأجواؤها بهذه الفعلة الإسرائيلية الشنعاء، فدخان تفجيرات الاحتلال عكر سماء كل المجلس، مما يستلزم أن تكون هناك وقفة جادة لإعادة ضبط البوصلة وبحث سبل المواجهة وضمان عدم تكرار مثل هذه الأفعال الشائنة، حيث إن دولة الاحتلال لا تريد للسلام أن يراود أحلام شعوب المنطقة، ولا لنيران الحروب التي أشعلتها أن تخمد ولو قليلاً.

هذا الكيان الدنس الذي لم يعد يرى أمامه سوى أطماعه الخيالية تحوّل إلى وحشٍ جائع ينهش كل ما حوله من جسد الجوار العربي وغير العربي، ويغرس أنيابه في أرضٍ ليست له، ابتداء من فلسطين ومروراً بلبنان وسورية وغيرهما، كما لم تسلم من صنائعه وادعاءاته مصر والأردن، ومن يدري على من سيأتي الدور غداً بعدما وصلت جرائمه إلى إحدى دول الخليج؟!

ماذا يمكن أن نقول لأطفالنا عندما يسألون عن سر هذا الصمت المخزي من المجتمع الدولي قاطبة، تجاه تمادي الاحتلال الذي بات يرى أن من حقه ـ وسط هذا الصمت والخذلان ـ أن يفعل في أراضي جيرانه وغير جيرانه ما يشاء، فيستبيح سيادتها، ويقتل ضيوفها، ويعبث بأمنها، ويتهم سياساتها، دون أدنى خوف أو حياء... بم يمكننا أن نجيب وهم يرون نيران الاحتلال الصهيوني تحرق هنا، ومدافعه تضرب هناك، والعالم ـ كل العالم ـ مكتفٍ ببيانات الشجب والإدانة والاستهجان؟!

قد يكون مخرجنا من هذه الأسئلة المُرة أن نذكرهم بأن يد الله مع الجماعة، وأن نعلمهم أن نصرة المرء لأخيه تأمين له في المقام الأول، وأن نتخذ من تلك الحادثة دافعاً لتأكيد وحدتنا الخليجية والعربية، وأن الدوحة مثل الكويت والرياض والمنامة وأبوظبي ومسقط، ومثل عمّان ودمشق وبيروت والقاهرة وبغداد، وغيرها من عواصم الوطن العربي الكبير، كلها بلادنا ولها منا جميعاً كل النصر والعون والتأييد ضد عدوها وعدونا وعدو البشرية جمعاء.

حفظ الله الخليج ودوحته.