في تطور خطير يهدد بمواجهة لا يمكن التنبؤ بحدودها أو تداعياتها، شنّ الاحتلال الإسرائيلي ليل الاثنين - الثلاثاء غارات على مواقع في عمق سورية تضم صواريخ ومعدات دفاع جوي تركية.
وبحسب وكالة الأنباء السورية (سانا)، فإن الاحتلال الإسرائيلي هاجم، ليل الاثنين ــ الثلاثاء، مواقع في حمص بوسط البادية السورية وتدمر التاريخية واللاذقية الساحلية، بحسب وكالة الأنباء السورية (سانا).
ونقلت شبكة «العربية» عن مصدر أمني إسرائيلي أن «الغارة استهدفت مستودعات صواريخ ومعدات دفاع جوي تركية الصنع في المدينة بعد نقلها إلى المنطقة المستهدفة في الفترة الأخيرة».
وقال المصدر الإسرائيلي إن «تركيا تحاول التحرش بنا، وجرنا إلى مواجهة عسكرية لا نخشاها، لكننا لا نريدها»، لافتاً إلى أن «إسرائيل تتحاور مع القيادة السورية حول الترتيبات الأمنية، لكنها لن تتردد في استخدام القوة عند الحاجة».
وأضاف المصدر أنّ «الوضع الداخلي السوري هشّ، وإسرائيل تصرّ على نزع السلاح من الجنوب»، مشدداً على أنها «ستضرب أي تهديد لأمنها مهما كان مصدره أو مكانه».
وأكد تلفزيون «سورية» المقرب من السلطات أن الاحتلال استهدف كلية الدفاع الجوي في محيط منطقة الأوراس في حمص ومنطقة سقوبين في اللاذقية.
وذكر المرصد السوري أن الطيران الإسرائيلي هاجم كتيبة للقوات الجوية بحمص، ونفذ غارتين استهدفتا ثكنة عسكرية في سقوبين باللاذقية، مشيراً إلى أن إسرائيل استهدفت منذ مطلع العام الجاري الأراضي السورية 97 مرة، 86 منها جوية و11 برية، ما أسفر عن سقوط 61 قتيلاً نصفهم جنود، وإصابة وتدمير نحو 135 هدفاً، ما بين مستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات.
وتزامن تصعيد وتهديد إسرائيل مع عقد قائد القوات الجوية السورية عاصم هواري لقاءً مع رئيس أركان الجيش التركي سلجوق بيرقدار أوغلو في أنقرة.
وذكرت وزارة الدفاع السورية أن اللقاء جاء بعد دعوة رسمية من قائد القوات الجوية التركية ضياء قاضي أوغلو، وبحث عدداً من الملفات والمواضيع المشتركة.
كما يأتي في وقت تحدثت فيه هيئة البث العبرية عن لقاء مرتقب بين وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيكون الثالث من نوعه برعاية الوسيط الأميركي توماس براك.
واعتبرت وزارة الخارجية السورية أن اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي تمثل خرقاً صارخاً للسيادة، وتهديداً مباشراً لأمن سورية واستقرارها الإقليمي، وتندرج ضمن سلسلة تصعيده العدواني.
وأكدت رفضها القاطع لأي محاولات للنيل من سيادة سورية أو المساس بأمنها الوطني، ودعت المجتمع الدولي، لاسيما مجلس الأمن، إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، واتخاذ موقف واضح وحازم يضع حداً للاعتداءات المتكررة، ويضمن احترام سيادة سورية وسلامة أراضيها.
6 نقاط روسية
من جهة أخرى، شهد قصر تشرين بدمشق اجتماعاً موسعاً بين مسؤولين سوريين برئاسة الشيباني، ووفد روسي رفيع المستوى بقيادة نائب رئيس الحكومة ألكساندر نوفاك، ناقش تطوير العلاقات الاستراتيجية وتعزيز التعاون في المجالات السياسية والأمن والدفاع والاقتصاد والطاقة.
وتمحورت المحادثات الروسية ــ السورية حول 6 نقاط هي استئناف تزويد سورية بالسلاح الروسي، والإدارة المشتركة لقاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية، واستئناف الدوريات الروسية في مناطق مختلفة في سورية وعدم الصدام مع اسرائيل والتنسيق مع تركيا ومصير الرئيس المخلوع بشار الأسد وكبار مسؤوليه الموجودين في موسكو، وأخيراً الديون والعلاقات الاقتصادية.
وأعلن نوفاك فتح روسيا صفحة جديدة مع سورية ودخول علاقاتهما مرحلة تاريخية ستبنى على الاحترام المتبادل، معرباً عن تمنياته أن تواصل العلاقة نموها لمصلحة البلدين. كما أكد سيادة سورية ووحدة أراضيها.
وشدد نوفاك على أنّ موسكو تولي اهتماماً خاصاً بزيارة الرئيس السوري أحمد الشرع لها للمشاركة في القمة العربية ــ الروسية التي دعا الرئيس فلاديمير بوتين لعقدها لأول مرة في 15 أكتوبر المقبل.
بدوره، رحب الشيباني بالتعاون مع روسيا في قطاعات حيوية واستراتيجية، بما في ذلك مشاريع إعادة الإعمار، والطاقة، والزراعة، والصحة على أساس عادل وشفاف.
وقال الشيباني: «علاقتنا مع روسيا عميقة ومرت بمحطات صداقة وتعاون لكن لم يكن التوازن فيها حاضراً، وأي وجود أجنبي على أرضنا يجب أن تكون غايته مساعدة الشعب السوري على بناء مستقبله»، مضيفاً: «كلما استقرت سورية انفتحت أمام الجميع آفاق التعاون وكلما ضعفت زادت فرص الفوضى والإرهاب، والدعم الروسي الصريح لمسار سورية الجديد سيكون خطوة في مصلحة بلدنا والمنطقة بأسرها».
وأشار إلى أن دمشق تبحث عن شركاء صادقين، ونجاح مباحثاتها مع موسكو يرتبط برسالة جديدة مفادها بأنهما قادرتان على بناء علاقات قائمة على السيادة والعدالة والمصلحة المشتركة.
وإذ حذر الشيباني من أن الاعتداءات الإسرائيلية تمثل تهديدا مباشرا لاستقرار المنطقة، أكد أن سورية ورثت من النظام السابق ملفات معقدة، أبرزها ملف الأسلحة الكيميائية الذي أثر على صورتها دولياً. وأشار إلى أنها تتعاون إيجابياً مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وفي نهاية يوليو الماضي، زار وفد سوري رفيع المستوى ضم وزير الخارجية ووزير الدفاع مرهف أبوقصرة، موسكو، وعقد سلسلة من اللقاءات والمباحثات المكثفة مع مسؤولين روس وفي مقدمتهم الرئيس فلاديمير بوتين.