كاد حظر وسائل التواصل الاجتماعي أن يفجّر ثورة في النيبال، بعدما تحوّل إلى شرارة احتجاجات عارمة قادها شباب «الجيل زد» ضد الحظر والفساد.

وفي خضم الغضب الشعبي الذي أوقع عشرات القتلى ومئات الجرحى، وجد رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي نفسه مضطراً إلى تقديم استقالته، في محاولة لاحتواء أزمة سياسية وأمنية غير مسبوقة هزّت البلاد.

Ad

ويكشف هذا الحدث أن وسائل التواصل لم تعد مجرد منصات ترفيهية أو تواصلية، بل غدت جزءاً أساسياً من حياة جيل الشباب وهويته. فمجرد قرار حظرها كان كفيلاً بإشعال موجة غضب واسعة كادت تتحول إلى ثورة، مما يبرهن على قدرتها على التأثير المباشر في مسار الأحداث السياسية والاجتماعية داخل المجتمعات المعاصرة.

وليس بعيداً عن هذا المشهد، تكشف التجربة اللبنانية عام 2019 عن مدى حساسية الشارع تجاه أي مساس بوسائل التواصل، حين أعلنت الحكومة نيتها فرض رسم يومي على استخدام خدمة «واتساب» والتطبيقات المماثلة. القرار، الذي جاء في ظل أزمات اقتصادية خانقة، كان الشرارة التي فجّرت احتجاجات عارمة اجتاحت مختلف المناطق اللبنانية، سرعان ما تحوّلت إلى حركة احتجاج واسعة ضد الفساد وسوء الإدارة، وأرغمت الحكومة حينها على التراجع عن القرار.

وبعد يوم من الاحتجاجات العنيفة التي خلفت 19 قتيلاً وأكثر من 300 جريح، قال أولي في رسالة إلى رئيس البلاد: «لقد قدمت استقالتي من منصبي كرئيس للوزراء (...) لإتاحة المجال أمام اتخاذ إجراءات لحل سياسي وتسوية المشكلات».

وكان أولي أمر مساء اليوم الـول برفع الحظر على وسائل التواصل وإجراء تحقيق «مستقل» في ملابسات إطلاق الشرطة النار على المحتجين، إلا أن هذه الاجراءات لم تكن كافية لتهدئة الغضب الشعبي.

ورغم حظر التجول المفروض في وسط العاصمة كاتماندو، تجمع المتظاهرون في عدد من المواقع، اليوم، للتنديد بالقمع، واقتحم بعضهم مبنى البرلمان وأضرموا به النيران، حسبما أفاد ناطق حكومي.

وأعرب أولي عن «حزنه البالغ» إزاء ما وصفه بـ«حادث مأسوي» عزاه إلى «تسلل عناصر بدافع مصالح شخصية مختلفة إلى موكب» المتظاهرين. وكان قد أعلن في وقت سابق عقد نقاشات مع الأحزاب السياسية ترمي إلى «إنهاء» أعمال العنف، قبل أن يستقيل ثلاثة من وزرائه، من بينهم وزير الداخلية، بحسب وسائل إعلام محلية.

والأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة حظر 26 منصة، منها «فيسبوك» و«يوتيوب» و«إكس» و«لينكد إن» التي لم تسجل لديها ضمن المهل المحددة، مما أثار استياء الملايين من مستخدميها.

وقالت الحكومة إن حجب المواقع جاء تنفيذاً لأمر أصدرته المحكمة العليا عام 2023 يلزم بتعيين مندوب محلي ومسؤول للإشراف على المحتوى.

وأكد رئيس الوزراء أن «الحكومة لم ترغب في حظر استخدام وسائل التواصل، بل أرادت فقط حماية إطار استخدامها»، مشيرة إلى أنه «لم يكن هناك جدوى من التظاهر بسبب ذلك». وطوال فترة الحظر واصلت المنصات الأخرى مثل «تيك توك» الصينية نشر محتويات عن البذخ الذي تعيش به الطبقة الحاكمة، مما أشعل الغضب.