أعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) اكتشاف كوكبٍ جديد يَبْعُد نحو المئة وخمسين سنة ضوئية، ويبلغ حجمه ضعف حجم الأرض، ويُرسل إشارات متكررة مع بلوغ كُتلته أربعة أضعاف كتلة الأرض. تم إعلان ذلك في 16 يوليو 2025.
****
وأنا أتجوَّل في مكتبة الواترستونز الشهيرة، لكن بأحد فروعها المغمورة في أزقة العاصمة البريطانية لندن، وتحديداً في تقاطع شارع جاور ستريت وأنا خارج من زيارة عابرة لجامعتي السابقة (UCL)، وقعت عيناي على كتابٍ بين المعروضات ذي طابعٍ فريد من نوعه.
غلاف الكتاب غريب، رُسمت عليه كواكب وكُويكبات بألوانٍ زاهية على خلفية سوداء، وهو من مطبوعات دار النشر بينجون المرموقة، وعليه اسم المؤلفة، الذي رنّ في رأسي، عِوضاً عن الجرس أجراس ومزامير، لأنه مألوف بالنسبة لي.
كان الكتاب بعنوان «كواكب الأرض ذوات الكائنات الفضائية - بترجمة غير نصية» للدكتورة ليسا كالتينغر، وهي مَنْ هي ولها اسمها في هذا المجال، والذي تناولت فيه موضوعات عدة تتمحور حول الفيزياء النظرية، وطبيعة الكون، وأصله، والمجرات.
وفي جلستين فقط استطعت الانتهاء من قراءة الكتاب، لأنه فعلاً شيِّق، وأنا، بكُل صراحة، نهم وجائع دائماً لمسائل تُطرح بهذا الشكل.
علاوة على كل المعلومات والنظريات والإثباتات العلمية التي تناولها ذاك الكتاب الجميل، إلا أنه أوقظ شيئاً كان ميتاً إكلينيكياً بداخلي، وهو الإحساس بأننا وإن كُنا وحدنا في هذا الكون، فإننا حتماً من الكائنات ذوات القصور، والقصور الكثير أيضاً. وأستغرب أكثر وأكثر حقيقةً ممن يتكلَّم بثقة عمياء عن أننا في هذا الكون لسنا وحدنا، وأننا حتماً نشارك هذه الكواكب والمجرات مع مخلوقات تُشبهنا في النمو والذكاء، فقط لأن الكون حجمه كبير، وليس من المنطقي أن يكون لنا نحن وحدنا! طيب ما الدليل وما الحجة؟ لا شيء البتة، فقط كلام نظري لا يُسمن ولا يغني من جوع.
تحتضن درب التبانة ما يفوق 200 مليار نجم، وهناك أكثر من 6000 كوكب تم رصدها خارج المجموعة الشمسية، ولا بيئة مُناسبة للحياة تم رصدها إلا على الكوكب الأزرق، ولا دليل على وجود أحياء - بأي شكل - إلا البكتيريا أو بقاياها على المريخ، وهو اكتشاف قديم، وليس جديداً. وإلى هذه اللحظة أنا، وليسا، نتشاطر ذات القناعة، بأننا وحيدون جداً على وجه هذا الكوكب بين كل تلك المجرات، ما لم يثبت الزمن القادم العكس بالدليل العلمي القاطع، والله كريم، وهو المُستعان.
على الهامش: نعم، حُرية الرأي مكفولة وجميلة، وتجعل من المجتمع صحياً ومتحضراً، والأهم أن تكون ضمن إطار الاحترام ومراعاة آداب الكلم مع انتقاء المفردات والكلمات دائماً.
المساس بالمناخ العام للحُريات أمر غير حميد، ولا يُعطي نتائج إيجابية، لا على المدى القصير، ولا البعيد، البتّة.