انهمرت دموع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من التأثر الشديد، خلال افتتاحه، اليوم، سد النهضة الكبير، بعد 14 عاما من العمل لبناء ما يوصف بأكبر محطة كهرومائية في إفريقيا والمقام على النيل الأزرق، فيما استقبلت مصر، التي لا تزال تعترض إلى جانب السودان على المشروع، بإرسال شكوى إلى الأمم المتحدة.
وحضر حفل التدشين، الذي تخللته أغانٍ ورقصات فولكلورية وعرض عسكري صغير، رؤساء أربع دول مجاورة هي كينيا، والصومال، وجيبوتي، وجنوب السودان سيلفا كير، إضافة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد، وضيوف آخرون.
ووسط أجواء غلب عليها الطابع القومي، قال آبي في كلمته أمام الجدار الرئيسي للسد في إقليم بني شنقول-قماز غربي البلاد، على بُعد نحو 15 كيلومتراً من الحدود مع السودان، «سد النهضة ليس فقط من أجل الإثيوبيين، بل من أجل إفريقيا ولكل السود»، وأضاف: «أنه يظهر أننا قادرون على تحقيق كل ما نخطط له».
ووجه آبي رسالة تهدئة إلى الدول المشاطئة الأخرى قائلاً: «أود أن أطمئن جيراننا في دول المصب أننا لا نعتزم الإضرار بهم، بل نسعى إلى رخاء مشترك».
وفي الوقت ذاته، أرسل رسالة إلى خصوم بلاده قائلاً «لأعدائنا، القريبين والبعيدين، أؤكد أن خيار الالتزام هو الأفضل».
وتعتبر إثيوبيا السد مشروعاً حيوياً لاقتصادها، إذ تأمل أن يلبي احتياجات 135 مليون نسمة، يعيش نحو 60% منهم بلا كهرباء، فضلاً عن إمكانية تصدير الطاقة إلى دول أخرى. كما تحول المشروع إلى رمز وطني بارز عزز النزعة القومية ووحّد شرائح من السكان في بلد كثيراً ما يشهد انقسامات عرقية وسياسية.
لكن السد ظل موضع خلاف طويل الأمد مع مصر والسودان، اللتين تعتبرانه تهديداً لأمنهما المائي وانتهاكاً لاتفاقيات تاريخية بشأن استخدام مياه النيل.
ورغم تأكيدات إثيوبيا المتكررة بأن المشروع لن يلحق أضراراً كبرى، لم تنجح الدول الثلاث في التوصل إلى اتفاق خلال المفاوضات المستمرة منذ عام 2015، بينما تتهم مصر والسودان أديس أبابا بالمضي في مراحل ملء السد بشكل أحادي.
وتعوّل مصر البالغ عدد سكانها نحو 110 ملايين نسمة، على النيل لتغطية 97% من احتياجاتها من المياه، لا سيما للزراعة.
وندد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي بتدشين السد، وأكد تمسك مصر بإعمال القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة «للدفاع عن المصالح الوجودية لشعبها».
وذكر في بيان، أن مصر وجهت خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بالتزامن مع «تنظيم إثيوبيا لفعالية الإعلان عن انتهاء وتشغيل سدها المخالف للقانون الدولي».
وأشار البيان إلى أنه «رغم كل المساعي الواهية لمنح السد الإثيوبي غطاء زائفاً من القبول والشرعية، فإن السدّ يظل إجراء أحادياً مخالفاً للقانون والأعراف الدولية ولا تنتج عنه أية تبعات من شأنها التأثيرعلى النظام القانوني الحاكم لحوض النيل الشرقي طبقاً للقانون الدولي، فضلاً عما تمثله التصرفات الإثيوبية الأخيرة من خرق جديد يضاف إلى قائمة طويلة من الانتهاكات الإثيوبية للقانون الدولي».
وشدد على أن «أي تصورات مغلوطة بأن القاهرة قد تغض الطرف عن مصالحها الوجودية في نهر النيل هي محض أوهام، وأن مصر متمسكة بإعمال القانون الدولي في نهر النيل، ولن تسمح للمساعي الاثيوبية للهيمنة على إدارة الموارد المائية بصورة أحادية، وتحتفظ بحقها في اتخاذ كل التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن المصالح الوجودية لشعبها».