مَنْ يُتابع قطاع الطيران في الخليج، يُدرك حجم التباين بين الناقلات العملاقة وتلك الأصغر حجماً. ففي الوقت الذي تعلن «الإمارات» و«القطرية» و«الاتحاد» أرباحاً بمليارات الدولارات، تسعى الخطوط الجوية الكويتية جاهدة للاقتراب من نقطة التعادل. والأرقام الأخيرة تعكس هذه المفارقة بوضوح: ارتفاع الإيرادات بنسبة ١٤ في المئة، وتراجع التكاليف التشغيلية بنحو ٢٠ في المئة، ونمو ملحوظ في أعداد الركاب والرحلات، ومع ذلك لا تزال النتائج النهائية أقل من المستوى المطلوب، وقد تكون خطوات صحيحة، لكنها دون الطموح.
مقارنة محلية لافتة
هذا الواقع يزداد تعقيداً حين نضعه في سياق البيئة التنافسية المحيطة. فشركة مثل «طيران الجزيرة»، رغم محدودية حجمها، أثبتت أن الانضباط المالي يمكن أن يحقق أرباحاً مستقرة، مع معدَّل امتلاء مقاعد يقارب ٧٨ في المئة.
الواقع هنا أن الحجم ليس الضامن الوحيد للربحية، بل التنفيذ الدقيق والصرامة المالية والحوكمة المؤسسية قد تكون أكثر أهمية من عدد الطائرات أو الوجهات على الخريطة.
ثلاثية التحديات
التحديات التي تواجه «الكويتية» متعددة، أولها يتعلَّق بالأسطول غير المتجانس، فالاعتماد على طراز نادر مثل A330-800، رغم تميزه التقني، يفرض أعباءً مرتفعة من حيث الصيانة وتوفير الكفاءات، ويقلِّل من مرونة التشغيل. ثانيها اتساع شبكة الوجهات من دون جدوى (عُمق كافٍ)، حيث تستهلك بعض الخطوط البعيدة ذات الطلب الموسمي موارد ضخمة لا تنعكس على الإيرادات بشكلٍ متوازن. أما التحدي الثالث، فيرتبط بالأداء التجاري الذي يفتقر إلى إيجاد تجانس واضح في مجالات التسعير، وبناء الشراكات، والخدمات الإضافية (برنامج الولاءات)، لتبدو الشركة أحياناً كأنها تسير خلف الأحداث، بدلاً من أن تبادر إلى صنعها.
فرص للنمو الذكي
ورغم ذلك، توجد فُرص غير مستثمرة قد تُعيد رسم الصورة إذا أُحسن التعامل معها. الاتفاقية الجديدة مع الهند، التي رفعت المقاعد الأسبوعية بنسبة خمسين في المئة، تُعد نافذة تاريخية لنمو حركة العمالة والعائلات إلى المنطقة أو عبر القارات. غير أن هذه المكاسب لا تتحقق تلقائياً، بل من خلال توظيفها بذكاء عن طريق ربط المدن الثانوية الهندية بسلسلة رحلات منظمة إلى الكويت، لتتحوَّل الكويت كمحطة انطلاق وهمزة وصل سريعة، بزمن انتظار لا يتجاوز ٧٥ دقيقة. في الوقت نفسه، يمثِّل مبنى الركاب الجديد (T2)، المقرر افتتاحه في السنوات القادمة، نقطة انطلاقة وتحولاً وفرصة أخرى لا تقل أهمية، إذ يمكن أن يمنح «الكويتية» ميزة تنافسية إذا التزمت بمعايير خدمية صارمة واتفاقيات شفافة مع المشغلين، لضمان سرعة وسلاسة الإجراءات لتعزيز تجربة المسافرين.
الانضباط قبل التوسع
الطريق نحو الاستدامة ليس بعيد المنال. فالمسارات الأكثر جدوى ليست تلك التي تملأ الخرائط، بل التي تُدار بانضباط عالٍ وتكرار مُناسب على الوجهات ذات الطلب المستقر. والطائرات النادرة، مهما بدت جذابة، تتحوَّل إلى عبء مالي وتشغيلي إذا لم يكن لها مكان ملائم في الشبكة. والشراكات وبرامج الولاءات، إذا صِيغت بعُمق، قادرة على مُضاعفة الحضور وخلق ما يُشبه «الحجم الافتراضي»، أي شبكة أوسع وتأثير أكبر يوازي المنافسين الكبار، من دون الحاجة إلى زيادة الأسطول أو رفع التكاليف.
كل ما تحتاجه «الكويتية» الآن، هو فرض مؤشرات قياس أداء لضبط الجودة من دقة المواعيد، وتجربة المستخدم، ودقة وصول الأمتعة... الخ.
تحديد الموقع بوضوح
«الكويتية» ليست مضطرة إلى أن تكون نسخةً مكرَّرةً من دبي أو الدوحة، بل المطلوب أن تحدد موقعها الخاص بوضوح: ناقل إقليمي متوسط الحجم، ومنضبط التكاليف، وسريع الربط، وواضح المعالم.
إذا التزمت الإدارة بهذا النهج، فقد يتحوَّل أسطول صغير ومطار متوسط «حالياً» إلى مصدر ثقة وربحية مستدامة. السوق والموظفون معاً لا يحتاجون إلى وعودٍ فضفاضة، بقدر ما يحتاجون إلى نتائج ملموسة تتكرَّر بانتظام، صغيرة في حجمها ربما، لكنها كبيرة في أثرها على المدى البعيد.
الإقلاع
ربما تحتاج الخطوط الجوية الكويتية إلى تغيير فكرها القيادي، قيادة لديها بُعد استراتيجي، تتمتع بسرعة القرار الجماعي، وتملك الليونة الكافية للتغيُّر حسبما تقتضيه ديناميكية السوق، بل لعلها تحتاج إلى رونالدو، بدلاً من لاعبٍ من الدوري المحلي.
مقارنة محلية لافتة
هذا الواقع يزداد تعقيداً حين نضعه في سياق البيئة التنافسية المحيطة. فشركة مثل «طيران الجزيرة»، رغم محدودية حجمها، أثبتت أن الانضباط المالي يمكن أن يحقق أرباحاً مستقرة، مع معدَّل امتلاء مقاعد يقارب ٧٨ في المئة.
الواقع هنا أن الحجم ليس الضامن الوحيد للربحية، بل التنفيذ الدقيق والصرامة المالية والحوكمة المؤسسية قد تكون أكثر أهمية من عدد الطائرات أو الوجهات على الخريطة.
ثلاثية التحديات
التحديات التي تواجه «الكويتية» متعددة، أولها يتعلَّق بالأسطول غير المتجانس، فالاعتماد على طراز نادر مثل A330-800، رغم تميزه التقني، يفرض أعباءً مرتفعة من حيث الصيانة وتوفير الكفاءات، ويقلِّل من مرونة التشغيل. ثانيها اتساع شبكة الوجهات من دون جدوى (عُمق كافٍ)، حيث تستهلك بعض الخطوط البعيدة ذات الطلب الموسمي موارد ضخمة لا تنعكس على الإيرادات بشكلٍ متوازن. أما التحدي الثالث، فيرتبط بالأداء التجاري الذي يفتقر إلى إيجاد تجانس واضح في مجالات التسعير، وبناء الشراكات، والخدمات الإضافية (برنامج الولاءات)، لتبدو الشركة أحياناً كأنها تسير خلف الأحداث، بدلاً من أن تبادر إلى صنعها.
فرص للنمو الذكي
ورغم ذلك، توجد فُرص غير مستثمرة قد تُعيد رسم الصورة إذا أُحسن التعامل معها. الاتفاقية الجديدة مع الهند، التي رفعت المقاعد الأسبوعية بنسبة خمسين في المئة، تُعد نافذة تاريخية لنمو حركة العمالة والعائلات إلى المنطقة أو عبر القارات. غير أن هذه المكاسب لا تتحقق تلقائياً، بل من خلال توظيفها بذكاء عن طريق ربط المدن الثانوية الهندية بسلسلة رحلات منظمة إلى الكويت، لتتحوَّل الكويت كمحطة انطلاق وهمزة وصل سريعة، بزمن انتظار لا يتجاوز ٧٥ دقيقة. في الوقت نفسه، يمثِّل مبنى الركاب الجديد (T2)، المقرر افتتاحه في السنوات القادمة، نقطة انطلاقة وتحولاً وفرصة أخرى لا تقل أهمية، إذ يمكن أن يمنح «الكويتية» ميزة تنافسية إذا التزمت بمعايير خدمية صارمة واتفاقيات شفافة مع المشغلين، لضمان سرعة وسلاسة الإجراءات لتعزيز تجربة المسافرين.
الانضباط قبل التوسع
الطريق نحو الاستدامة ليس بعيد المنال. فالمسارات الأكثر جدوى ليست تلك التي تملأ الخرائط، بل التي تُدار بانضباط عالٍ وتكرار مُناسب على الوجهات ذات الطلب المستقر. والطائرات النادرة، مهما بدت جذابة، تتحوَّل إلى عبء مالي وتشغيلي إذا لم يكن لها مكان ملائم في الشبكة. والشراكات وبرامج الولاءات، إذا صِيغت بعُمق، قادرة على مُضاعفة الحضور وخلق ما يُشبه «الحجم الافتراضي»، أي شبكة أوسع وتأثير أكبر يوازي المنافسين الكبار، من دون الحاجة إلى زيادة الأسطول أو رفع التكاليف.
كل ما تحتاجه «الكويتية» الآن، هو فرض مؤشرات قياس أداء لضبط الجودة من دقة المواعيد، وتجربة المستخدم، ودقة وصول الأمتعة... الخ.
تحديد الموقع بوضوح
«الكويتية» ليست مضطرة إلى أن تكون نسخةً مكرَّرةً من دبي أو الدوحة، بل المطلوب أن تحدد موقعها الخاص بوضوح: ناقل إقليمي متوسط الحجم، ومنضبط التكاليف، وسريع الربط، وواضح المعالم.
إذا التزمت الإدارة بهذا النهج، فقد يتحوَّل أسطول صغير ومطار متوسط «حالياً» إلى مصدر ثقة وربحية مستدامة. السوق والموظفون معاً لا يحتاجون إلى وعودٍ فضفاضة، بقدر ما يحتاجون إلى نتائج ملموسة تتكرَّر بانتظام، صغيرة في حجمها ربما، لكنها كبيرة في أثرها على المدى البعيد.
الإقلاع
ربما تحتاج الخطوط الجوية الكويتية إلى تغيير فكرها القيادي، قيادة لديها بُعد استراتيجي، تتمتع بسرعة القرار الجماعي، وتملك الليونة الكافية للتغيُّر حسبما تقتضيه ديناميكية السوق، بل لعلها تحتاج إلى رونالدو، بدلاً من لاعبٍ من الدوري المحلي.