في ظل حديث أميركي عن طرح أفكار معمقة على الحركة الفلسطينية من أجل التوصل إلى صفقة شاملة تنهي الكارثة الإنسانية بغزة، جدد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر دعوة الدولة العبرية لـ»حماس» إلى الاستسلام مقابل وقف الحرب التي تقترب من إتمام عامها الثاني.

وقال ساعر، أمس، إن حرب غزة يمكن أن تنتهي على الفور إذا أطلقت «حماس» سراح باقي الرهائن وتخلت عن سلاحها، مضيفاً «سيكون من دواعي سرورنا البالغ أن نبلغ هذا الهدف بسبل سياسية».

Ad

في موازاة ذلك، صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأن جيش الاحتلال «يعمّق التوغل في أطراف مدينة غزة وداخلها»، وادّعى أن نحو «100 ألف شخص غادروا المدينة».

وأضاف: «نقوم بالقضاء على بنى تحتية إرهابية، ونهدم أبراجاً مصنفة كأبراج إرهاب، وأقمنا منطقة إنسانية جديدة لتمكين المدنيين من الخروج إلى مكان آمن والحصول على مساعدات».

وبعد تحذير الرئيس الأميركي دونالد ترامب من تأثير العمليات العسكرية على سمعة الدولة العبرية على المستوى الدولي وفي «الكونغرس»، أشار نتنياهو إلى أنه مدرك لـ«الثمن الذي ندفعه على الساحة الدبلوماسية والإعلامية لدولة إسرائيل»، مؤكداً أنه «رغم تراجع تأييد إسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة فإنه يختار النصر». لكنه شدد على أن «الطريقة الأفضل للتخلص من هذا الوضع هو إقامة منظومة دعاية جديدة، وإنهاء الحرب في أقرب وقت».

وتابع: «إن جهودنا في غزة هي جزء من جهودنا لإطباق الخناق على المحور الإيراني، وسنواصل جهودنا حتى نحقق جميع أهداف الحرب».

وجدد التشديد على أهداف إسرائيل، قائلاً: «القضاء على حماس، واستعادة جميع الأسرى، وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل».

وجاء ذلك في وقت، أفادت معلومات لموقع «أكسيوس» بأن مبعوث الرئيس دونالد ترامب الخاص ستيف ويتكوف بعث برسائل إلى «حماس» بشأن مبادئ صفقة شاملة للإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين مقابل إنهاء الحرب، وذلك عبر ناشط إسرائيلي يدعى جيرشون باسكين ساعد في مفاوضات الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط قبل أكثر من عقد.

هدنة وخريطة

في المقابل، صرح القيادي في الحركة الفلسطينية باسم نعيم بأن «حماس» لن تتخلى عن سلاحها، لكنها ستفرج عن كل الرهائن، إذا وافقت إسرائيل على إنهاء الحرب وسحب قواتها من غزة.

وأضاف نعيم أن «المقاومة وسلاحها حق مشروع كفلته لنا، كشعب فلسطيني وليس كحماس فقط، القوانين الدولية، وأثبتت جدواه تاريخ كل الشعوب تحت الاحتلال، وهذا الحق لا تنازل عنه إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين. وإلى أن يحدث ذلك، فحركة حماس يمكن أن تنخرط في هدنة طويلة الأمد».

وفي تصريحات منفصلة، أعرب نعيم عن تطلع الحركة إلى أن تقود تصريحات ترامب الأخيرة، التي طالب فيها «حماس» بإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين دفعة واحدة لكي تتحسن الأمور سريعاً، إلى خطة لإنهاء الحرب.

وعبّر عن أمله ألا تشكل تصريحات ترامب «غطاءً جديداً» لنتنياهو وحكومته للاستمرار في «جرائم الإبادة الجماعية».

في غضون ذلك، أكد المستشار الإعلامي لرئيس «حماس» طاهر النونو، أن الحركة منفتحة على أي أفكار أو مقترحات يتم تقديمها سواء لاتفاق هدنة جزئي أو دائم، مشدداً على ضرورة أن يؤدي أي مقترح إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار، ويحقق انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من القطاع، وتدفق غير مشروط للمساعدات وصفقة حقيقية لتبادل الأسرى.

وجاء ذلك غداة اختتام وفد قيادي من الحركة زيارة إلى مصر ضمن جهود العمل من أجل إنهاء الحرب ووقف تصاعد العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس.

وذكرت «حماس» أن وفدها التقى فصائل فلسطينية وشخصيات مدنية ورجال أعمال في القاهرة، بهدف «تعزيز التشاور ورسم خريطة طريق وطنية لما بعد الحرب».

ضحايا بلا حسم

ميدانياً، أكد الجيش الإسرائيلي أنه يستعد لدخول قلب مدينة غزة، دون التزام بأن يؤدي ذلك للحسم العسكري النهائي ضد «حماس»، في حين أفادت تقارير عبرية بأن تل أبيب تخطط لتغيير اسم عملية «عربات جدعون 2» لتسويقها كخطوة جديدة في الحرب.

ونقلت إذاعة الجيش عن رئيس شعبة العمليات بهيئة الأركان، يسرائيل شومر، قوله إن العمليات العسكرية الجارية تُمهد الطريق لإعادة المحتجزين من القطاع، لكنها غير مرتبطة بفترة زمنية محددة.

وبينما يأمل الجيش أن يدفع نسف المباني وتدمير الأبراج الشاهقة نحو مليون فلسطيني إلى الفرار جنوبا، نقلت تقارير عن سكان بالمدينة رفضهم لأوامر الإخلاء في ظل تشككهم في وجود أي مناطق آمنة داخل القطاع للنزوح إليها.

وفي تطور هو الأول منذ أشهر، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قذيفتين صاروخيتين أطلقتهما «حركة الجهاد» جرى اعتراض إحداهما فوق بلدة نتيفوت التي يبلغ عدد سكانها نحو 50 ألف نسمة وتقع على بعد نحو 10 كيلومترات بمنطقة غلاف غزة بينما سقطت الثانية في منطقة مفتوحة.

من جهتها، أفادت السلطات الصحية بمقتل 84 فلسطينيا من بينهم 14 سقطوا في ضربة استهدفت مدرسة «الفارابي» التي تؤوي نازحين في مدينة غزة، في حين سجلت 5 حالات وفاة جديدة نتيجة المجاعة.

ضربة حوثية

في السياق، ذكر الجيش الإسرائيلي أن طائرة مسيّرة أطلقتها جماعة أنصار الله الحوثية سقطت في منطقة «مطار رامون» وأسفرت عن إصابة شخص بجروح طفيفة، في حين تداولت مواقع عبرية لقطات تظهر إصابة المسيّرة لقاعة المغادرة بالمطار العسكري في منطقة النقب مع ارتفاع الدخان نتيجة انفجارها دون أن تطلق صفارات الإنذار. وفي وقت سابق أعلن سلاح الجو الإسرائيلي أنه اعترض 3 مسيّرات أطلقت من مناطق المتمردين في اليمن.

وأتت الضربة التي تسببت في توقف عمل المطار القريب من إيلات جزئياً، بعد 3 أيام من توعد وزير الدفاع يسرائيل كاتس الحوثيين برد قاس بعد تصاعد الهجمات الصاروخية التي ينفذها المتمردون المدعومين من إيران بموازاة حرب غزة.

دفاع فرنسي

إلى ذلك، ردت وزارة الخارجية الفرنسية على تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التي ربطت اعتراف باريس بدولة فلسطين بفشل مفاوضات وقف النار في غزة، مؤكدة أن الاعتراف لم يكن سبب الفشل. وأطلقت فرنسا حساب «الرد الفرنسي» لمواجهة المعلومات المضللة.

ووثقت منشورات حساب «الرد الفرنسي» تواريخ منشورات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي على مواقع التواصل، لتؤكد أن «المفاوضات كانت قد انهارت بالفعل قبل إعلان فرنسا».

كما لفت إلى رسالة للمبعوث الأميركي أعلن فيها انسحاب واشنطن من مفاوضات وقف إطلاق النار.