حذَّر الخبراء من خطورة التصحر، الذي بات يُشكِّل تحدياً بيئياً واقتصادياً خطيراً لدولة الكويت، نظراً لبيئتها الصحراوية القاسية ومواردها المائية المحدودة.

في إطار الجهود الوطنية لمواجهة هذه الظاهرة، برزت فكرة استخدام التكنولوجيا المتقدمة، وتحديداً الروبوتات الزراعية (Agri-bots)، كحلٍ مُحتمل وفعَّال.

Ad

هذا التحليل يهدف إلى تقييم جدوى استخدام الروبوتات في مشروع «صحراء الكويت خضراء»، مع استعراض الأبعاد العلمية والاقتصادية والاجتماعية، وتقديم توصيات لضمان نجاح المشروع واستدامته، نظراً لجدواه العلمية والتكنولوجية والاقتصادية. فالخبراء يؤكدون أن الروبوتات الزراعية تُقدِّم إمكانات هائلة في مجال التشجير واستصلاح الأراضي.

ومن الناحية العلمية، يمكن لهذه الروبوتات أن توفر حلولاً دقيقة وفعَّالة لمكافحة التصحر في بيئة صحراوية مثل الكويت، حيث تتميز:

1 - بالعمل المتواصل: تتيح الروبوتات العمل المستمر على مدار الساعة، مما يسرِّع وتيرة التشجير بشكلٍ كبير. كما أن العمل ليلاً يقلل من الإجهاد الحراري على الشتلات، ويزيد من كفاءة استخدام المياه، بسبب انخفاض معدَّلات التبخر.

2 - الدقة والكفاءة: يمكن تجهيز الروبوتات بأنظمة متطورة، مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والرؤية الحاسوبية، لضمان زراعة الشتلات في المواقع المثلى بدقة.

3 - الري الذكي: يمكن دمج الروبوتات مع أنظمة ري تنقيطية، ذكية لتوفير كميات محددة من المياه لكل شتلة بناءً على احتياجاتها الدقيقة. على الرغم من التكلفة الأولية المرتفعة لتطوير وشراء أسطول من الروبوتات، يُعد هذا المشروع استثماراً استراتيجياً ذا أبعاد اقتصادية طويلة الأمد. فالتوفير الكبير في المياه والعمالة اليدوية يغطي هذه التكاليف على المدى الطويل، ويفوقها، ويُسهم في تحقيق عوائد اقتصادية مستدامة. أما من الناحية الاجتماعية، فيُمكن أن يُسهم هذا المشروع في التنمية المجتمعية، من خلال إيجاد فرص عملٍ جديدة تتطلَّب مهارات عالية في مجالات التكنولوجيا والصيانة وتحليل البيانات. فبدلاً من استبدال العمالة، يهدف المشروع إلى إعادة تأهيلها وتوجيهها نحو مهام أكثر قيمة وجاذبية، مما يرفع من مستوى الكوادر الوطنية، ويُهيئها للتحولات التكنولوجية والرقمية. كما يمكن للمشروع أن يعزز الوعي البيئي لدى جيل الشباب، ويُشجعهم على دراسة مختلف العلوم على منحى STEM.

ويرى الخبراء أن التحديات التي تواجه عملية التطبيق مرتبطة بخصائص التربة الصحراوية في الكويت. فهي تتطلب أبحاثاً بيولوجية وزراعية معمَّقة لاستصلاح التربة، وإضافة المغذيات الضرورية قبل عملية التشجير، كما تتطلب اختياراً دقيقاً للأنواع النباتية القادرة على تحمُّل الظروف القاسية، مع الصيانة والمتابعة الدورية، إضافة إلى توصيات أخرى، منها: 1- إجراء دراسة جدوى متكاملة تُقيّمِ العائد على الاستثمار والمخاطر المحتملة. 2- الشراكة مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية في الكويت لتوظيف خبراتها في مجال البيئة والزراعة الصحراوية، والاستفادة من التجارب الإقليمية والعالمية. 3- الاستثمار في تطوير القدرات البشرية، من خلال تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية، لضمان استدامة المشروع. 4- البدء بمشروع تجريبي على مساحة كيلومتر مربع لتقييم أداء التكنولوجيا واختبار الأنواع النباتية قبل التوسع.

تُعد فكرة استخدام الروبوتات في مكافحة التصحر خطوة طموحة وواعدة نحو تحقيق الاستدامة البيئية في الكويت. إن نجاحها لا يقتصر على التكنولوجيا المتقدمة، بل على دمجها في استراتيجية وطنية شاملة تأخذ في الاعتبار الأبعاد البيولوجية، والاقتصادية، والاجتماعية. فالروبوتات هي أداة قوية، لكنها جزء من اقتصاد أخضر متكامل، يتطلب استثماراً طويل الأمد، ودقة في تخطيط وتنفيذ مشروع صحراء الكويت خضراء.