هل وصلنا إلى طريق مسدود في النظام الدولي المعاصر؟
ماذا يعني أن تعطّل إرادة دولة واحدة (الكيان الصهيوني) الإرادة الجماعية الدولية، بسبب انحياز ومساندة دولة واحدة لها، هي الولايات المتحدة الأميركية؟!
هل يمكن أن يعني هذا بأي حال من الأحوال أن أميركا تتحكم في العالم بأسره من أجل «كيان لقيط فاشي وتغذّي ميوله الإجرامية للإبادة والقتل والتطهير العرقي»؟!
هل يمكن أن تتغير معادلة القوة في العالم بسبب هذا السلوك المتعجرف والتعالي على إرادة المجتمع الدولي؟!
هل بات وشيكاً خروج القطب الآخر في العالم، القطب الفردي أو التكتُّلي ممثلاً بـ «روسيا والصين والهند... وربما كوريا»؟!
ولعلنا نتابع تداعيات الإرادة الفردية البشعة والعدوانية، التي تزداد ظهوراً وحدّةً يوماً تلو الآخر، وآخرها قرار الولايات المتحدة إلغاء تأشيرات الدخول للوفد الفلسطيني، لمنعه من حصد ثمرة تحركات دبلوماسية وسياسية واسعة فلسطينية وعربية وعالمية للاعتراف بالدولة الفلسطينية!
هل سنشهد ردّات فعل عكسية بهذا المسار وفي مسارات أخرى تؤدي إلى تصدع النظام العالمي؟!
هل سنشهد ظهور قطبية ثالثة بنمط آخر، تتمثل بكل من «فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وتركيا» لفرض التوازن الدولي، بعد أن داهمتها هي نفسها التداعيات السلبية للقطبية الأحادية والاعتماد عليها؟!
وهل بات وشيكاً إنهاء حقبة القطب الواحد ذات التداعيات الوخيمة دولياً وعلى الأمن والسِّلم الدوليين، مع الجنوح الذي يمارسه اليمين الأميركي، أو بتعبير أصح اليمين الصهيوني في أميركا؟! وهو الذي أوجد حراكاً مضاداً داخل أميركا حتى امتد إلى داخل أوساط حركة ماجا التي كانت سبباً لنجاح اليمين؟!
وهل نزعة القطبية الواحدة غير المحايدة والمنجرفة في معظم الأحيان، يمكن أن تقوّض حتماً المنظومة الدولية القائمة؟!
تساؤلات وتأملات قد تظهر نتائجها في المستقبل القريب.
خيار أهل غزة
«الغزي يفضّل الموت صامداً بدل الموت نازحاً».
في لقاء مع رئيس جمعية فلسطين الخيرية بغزة صباح يوم السبت 30 أغسطس الماضي، استوقفتني عبارة مزلزلة على لسانه، إذ يقول إن الغزي أصبح مسلّماً بأنه يواجه الموت، ولذلك «يفضّل الموت صامداً بدل الموت نازحاً».
هذه حقيقة يجهلها الكيان الصهيوني وقياداته السياسية والعسكرية كافة، ويجهلها الأميركيون، ويجهلها العرب المتآمرون والحالمون، ويجهلها العالم بأسره!
وهو سرّ ومكمن القوة وصلابة الصمود لدى الغزيين، الذين لن يتركوا أراضيهم.
بل ذلك هو ما سيشكّل وقود المقاومة الفلسطينية واستمراريتها، فالفلسطينيون والغزيون سيرون في المقاومة سبيلهم في مواجهة آلة الموت التي حددت مصيرهم مسبقاً، ومن ثمّ سيجعلون حياتهم وقوداً للمقاومة، ليكون موتهم - أو بالأصحّ استشهادهم - كمقاومين خيارهم على استشهادهم كنازحين أو مهجّرين، وهذا هو ما سيُفشل مخطط التهجير وسيكون وقود قوة للمقاومة الفلسطينية.
«هل صار أهل غزة أمام اختيار أفضل الموت»، موت الصامدين وموت المقاومين؟!
هذا الخيار سيكون وبالاً على الصهاينة وحلفائهم لفشل مخطط التهجير.