ناقش عدد من الأدباء والمثقفين الوضع الثقافي في البلاد في ندوة استضافتها رابطة الأدباء الكويتيين بالتعاون مع الملتقى الثقافي بعنوان «الثقافة في الكويت... الشباب والمستقبل»، على مدي يومين، الاثنين والثلاثاء، لافتين إلى أن دولاً مجاورة تصدرت المشهد الثقافي في حين ظلت الكويت في موقعها لم تغادره.

وفي هذا السياق، قال مؤسس ومدير الملتقى الثقافي طالب الرفاعي إن الكويت التي عرفت في مطلع الستينيات وخلال السبعينيات والثمانينيات نهضة فكرية إبداعية ثقافية إعلامية مشهودة، ووصلت أنوار تلك النهضة إلى محيط الكويت الخليجي والعربي، سواء عبر الأسماء الكويتية المبدعة، أو من خلال إصدارات الكويت وعلى رأسها مجلة العربي، وسلسلة «عالم المعرفة»، دارت الأرض دورتها، وحلَّ الجديد العالمي بثورة المعلومات، ومحركات البحث، وتالياً شبكات التواصل الاجتماعي، وراحت دول الخليج العربي ودول عربية كثيرة، تُسرع لتتبوّأ مكانتها الثقافية العالية، وتسابق الزمن للوصول إلى الأفضل، ففي حين انطلق معرض الكويت الدولي للكتاب عام 1975، وكان هو الوحيد في المنطقة، باتت معارض الكتب الخليجية اليوم تحتل مكانة كبيرة ومرموقة في الوطن العربي، ولم يراوح معرض الكويت للكتاب مكانه.

Ad

نقاط ضعف

بدورها، أشارت الناشرة والمؤلفة منال النشمي إلى أن الوضع الثقافي في الكويت يعاني العديد من نقاط الضعف والتي تتمثل في الكوادر البشرية في المؤسسات الثقافية، وضعف الأنظمة والخطط التشغيلية لتنفيذ رؤية تلك المؤسسات محليا ودوليا، وقلة الميزانية المرصودة لهذه المؤسسات من قبل الدولة مما ساهم بشكل كبير في ضعف وفشل بعض البرامج والأنشطة، موضحة أن الكويت تفتقر للتمثيل في المحافل الثقافية العالمية.

وأكدت النشمي ضرورة مواكبة العالم الرقمي والتحول السريع حيث أضحت المواقع الإلكترونية والتطبيقات ومواقع التواصل حلقة التواصل المباشر بين المؤسسات الثقافية والجمهور، لافتة إلى أن إهمالها سيؤخر نمو هذه المؤسسات ويسيء لسمعتها.

عنق الزجاجة

من ناحية، رأى الناقد فهد الهندال أن ما تمر به الكويت هو مرحلة عنق الزجاجة، فإما تستعيد ريادتها الثقافية في المنطقة، وإما تبقى في ركب متأخر عن الدول التي سبقتنا بأشواط عديدة في تنويع وخدمة الثقافة والمثقفين من خلال مشاريع جديدة ورؤى متطورة وضعتهم في مقدمة الدول الراعية والحاضنة لإبداعات ومشاريع المبدعين والمثقفين، موضحا أن الأمر لا يتعلق فقط بالدعم المادي، ولكن المعنوي أيضا بإتاحة الفرص وتطويع مباني الدولة الثقافية للشباب والمشاركة في صنع القرارات والرؤى الثقافية المستقبلية، والأخذ في الاعتبار منجزهم الثقافي وخبرتهم في المشاركة الجادة في المحافل الثقافية داخل الكويت وخارجها، وأن ينتموا لجيل قادم يستحق اتاحة المجال له في عضوية المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، والمجلس الأعلى للتخطيط، والمجلس الأعلى للتعليم، لكون هذه المجالس هي المشكّلة لمستقبل الإنسان في الكويت.

دعم المسرح

من جانبه، دعا عميد المعهد العالي للفنون المسرحية السابق د.علي العنزي إلى «دعم الحركة المسرحية من خلال تشكيل لجنة دائمة للمسرح ليست موسمية، لتكون بمنزلة النواة المركزية التي تختص بالمسرح، تخطط له، وتحضر لإقامته، وهذا يعني كل ما يحدث في الكويت على صعيد المسرح، بعيداً عن سراديب الورقيات والأختام، ومن الضروري أن يكون لهذه اللجنة ممثلون لدى اختيار التجارب المميزة، لتحديد ما هو جديد في الحياة المسرحية، وكيفية انتقاء الأعمال المميزة بما يحقق الغايات».

وأعرب العنزي عن أمله أن تمتد الأنشطة المسرحية طوال السنة، لا أن تُعلب في يوم أو يومين، ولا يعني هذا «أننا نريد مضاعفة ضوضاء ودوي الإعلان والإعلام، بل أن نخلص المسرح منهما إذا أمكن، كي يصبح بوسع كل فرقة أن تقدم عدداً من العروض تتيح الفرصة لعدد كبير من المتفرجين أن يروها، ومن جهة أخرى يمكن أن نكسب موسماً مستمراً وغنياً».

أما د. سعداء الدعاس فأكدت أن المشهد المشهد الثقافي في الكويت يعاني تغييب الدور الثقافي للعديد من المؤسسات الحكومية والخاصة، وجمعيات النفع العام، التي كانت متوهجة ثقافياً في السابق، فتقلص المشهد الثقافي في عدد محدود من المصادر، مضيفة أن الإشكالية الأخرى تكمن في استعانة المؤسسة الثقافية ببعض الأسماء التي لا مُنجز لديها، فابتعدت الكثير من الأنشطة والفعاليات عن هاجس المتلقي واهتماماته، وتحولت إلى مجرد قاعات درس تقودها أسماء لا تملك في سيرتها الذاتية إلا القليل.