برعاية وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبدالرحمن المطيري، شهد مسرح الدراما في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، أمس الأول، انطلاق فعاليات المهرجان العربي لمسرح الطفل بدورته الثامنة.

وحضر حفل الافتتاح ممثل راعي المهرجان الأمين العام للمجلس الوطني د. محمد الجسار، إلى جانب الأمين العام المساعد لقطاع الفنون مساعد الزامل، ومدير المهرجان د. حسين المسلم، فضلاً عن ضيوف الكويت من ممثلي الفرق المسرحية المشاركة، وجمع من المسرحيين ومحبي «أبوالفنون».

وشهد حفل افتتاح المهرجان عرضاً مسرحياً بعنوان «Stop»، فكرة وتأليف وسيناريو وحوار مدير المهرجان د. حسين المسلم، في حين يشارك في إخراجه عبدالله التركماني ومحمد حسين المسلم، وبطولة مجموعة من المواهب الواعدة، التي حلّقت بالجمهور في رحلة محفوفة بالمتعة والتشويق إلى عالم الطفولة والشخصيات الكرتونية التي أحبوها، مثل «سندريلا» و«علاء الدين» و«الأقزام» و«سنووايت» وغيرها.
Ad


مجرة سحرية

وحمل العرض المسرحي «Stop»، الذي شارك فيه نحو 52 طفلا وطفلة، دعوة إلى العالم أجمع، لوقف الشر، ونشر الخير، عبر لوحات فنية واستعراضية بتقنية «الهولوغرام»، إذ بدا المسرح وكأنه مجرة سحرية، لناحية الديكور والإضاءة والأزياء والموسيقى والمؤثرات البصرية والسمعية، وغيرها من عناصر السينوغرافيا التي عبّرت عن النص بأسلوب سهل ممتنع، يلامس الصغار والكبار.

ولعل الفكرة التي أوقدها الدكتور المسلم لم تكن ترفيهية أو فنية وثقافية فحسب، بل أضاءت أيضاً على أهم المعالم السياحية في الكويت، مثل الأبراج وبرج التحرير وسوق المباركية وغيرها، ليواكب بذلك رؤية الكويت في تنشيط القطاع السياحي، وتضمن العرض مجموعة من اللوحات الغنائية شارك في كتابتها د. حسين المسلم وعادل الفرحان وعبدالله العماني وتصدى لصياغة موسيقاها وألحانها وتوزيعها عادل الفرحان، ونالت استحسان الجميع لأنها تتماشى مع رسالة وأهداف المهرجان.

أما تجسيد الشخصيات الرئيسية فقام بها مجموعة من الفنانين الشباب الموهوبين وهم: عبدالمحسن الأسود، فاطمة الأسد، عبدالعزيز الرحماني، محمد دشتي، وهج، أبيار، شهد الشراح، في حين تكون الفريق الفني لعرض «Stop» من حسن الملا الذي تولى السينوغرافيا والديكور، أما الإضاءة فقد صاغ أجواءها المسرحية فاضل النصار، في حين أبدعت إيمان السيف في تصميم الأزياء، وعلى صعيد التصميم البصري والجرافيك تولى المهمة علي رضا، بينما أشرف على تصميم الرقصات التعبيرية رمضان إياد.

استثمار عقل الطفل

وبعد انتهاء العرض، ألقى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. محمد الجسار كلمة الافتتاح، قال فيها: «إنه لمن دواعي فخرنا وسرورنا أن نجتمع هنا اليوم، مؤكدين إيماننا الراسخ بأن الثقافة هي محرك التنمية الحقيقي، وأن الاستثمار في عقل الطفل هو أفضل استثمار في مستقبل الأمة»، مضيفا أن «التجارب أثبتت على مر العصور أن المسرح ليس مجرد فن ترفيهي، بل هو أداة تربوية بالغة الأهمية، ونافذة يطل منها الطفل على العالم، ومرآة تعكس له القيم النبيلة، ومنبر يكتشف فيه ذاته ويطور مهاراته».

وتابع د. الجسار: «تأتي هذه الدورة لتؤكد استمرارية هذا العطاء الثقافي في عام تحتفل به الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي، فقد أصبح المهرجان وجهة للمسرحيين العرب، مقدماً باقة متنوعة من العروض المسرحية التي تلامس قضايا الطفل وتطلعاته، بالإضافة إلى ورش العمل المتخصصة التي تهدف إلى بناء جيل جديد من الفنانين والكتاب والمخرجين المسرحيين»، لافتاً إلى أن مثل هذه الأنشطة تنمي لدى الأجيال القادمة القدرة على التفكير النقدي والتحلي بالإبداع وترسيخ الهوية الثقافية.

بناء شخصية المجتمع

ثم ألقى الأمين العام المساعد لقطاع الفنون رئيس المهرجان مساعد الزامل كلمة قال فيها إن مسرح الطفل ليس مجرد استعراض أو إبهار أو إمكانيات فحسب إنما هو محتوى وأداء يسهم في تنمية وتطوير وبناء شخصية المجتمع باعتباره يخاطب قادة المستقبل، مشددا على ضرورة الاتجاه إلى الشخصيات والحكايات العربية في الأعمال المسرحية، إذ يزخر التاريخ العربي بالكثير منها، وثمن دور د. الجسار في إحياء المهرجان، وكذلك المشاركة العربية التي تثري الفعالية.

يذكر أن المذيعة حبيبة العبدالله قدمت فقرات الحفل، واستعرضت العروض المسرحية المشاركة فيه وعددها 8 عروض، وهي: مسرحية امنية مفقودة لفرقة المسرح الكويتي، ومسرحية كلو من الزيبق، مسرح الدمى اللبناني، ومسرحية الكنز لفرقة مسرح الخليج العربي، ومسرحية أنا والمهرج، العراق، ومسرحية القبطان والفئران، سورية، ومسرحية البحث عن السعادة، تونس، ومسرحية سيرك الغابة، مسرح خور فكان الامارات، ومسرحية سنووايت، عرض مواز، الكويت.

لجنة التحكيم والمشاهدة

وتكونت لجنة التحكيم في المهرجان العربي لمسرح الطفل بدورته الثامنة من د. مشهور مصطفى رئيسا، وعضوية د. شبير العجمي، ويوسف بوهلول، ود. محمد نور الدين، وخالد المظفر، أما لجنة المشاهدة فقد ضمت الدكتور عجاج سليم رئيسا، إلى جانب أحمد البلوشي، حسين المفيدي، د. عدنان سلوم، عبدالناصر الزاير.

المسلم: عودة المهرجان أسعدت قلبي

ذكر مدير المهرجان د. حسين المسلم أن عودة المهرجان بهذا الزخم والشكل المميز أعادت إليه شعوراً خاصاً، مضيفاً: «اليوم أشعر بأن قلبي بدأ ينبض مئة بالمئة سعيداً بعودة هذا المهرجان، والشكل الذي ظهر فيه الافتتاح، وبأهمية وجود الطفل»، مؤكداً أن الكلمة الأساسية المعبرة في هذه التظاهرة الثقافية هي كلمة الأطفال أنفسهم.

وأشار المسلم إلى أن الرسالة الأبرز التي يطرحها المهرجان تتمثل في تساؤل الأطفال: «ما هو دورنا في المهرجان؟»، لافتاً إلى أن «ما يكتب على خشبة المسرح هو ما يعبر عن رؤيتهم وأحلامهم، فالأطفال كتبوا ووضعوا النقاط على الحروف»، وتوجه بالشكر إلى الأطفال المشاركين والجمهور الرائع الذي تفاعل مع العرض الافتتاحي.
جانب من ورشة مقامة على هامش المهرجان
هيثم الخواجة: مسرح الطفل فن صعب

في إطار الفعاليات المصاحبة للمهرجان العربي لمسرح الطفل بدورته الثامنة، أقيمت في قاعة الندوات بمسرح الدسمة ورشة متخصصة حملت عنوان «مقدمة في حرفية التأليف لمسرح الطفل المعاصر (نظري – عملي)»، قدمها أ. د هيثم الخواجة، مستعرضاً خلالها الأسس النظرية والتطبيقات العملية لكتابة النصوص المسرحية الموجهة للطفل، مع التركيز على خصوصية هذا الفن ومتطلباته التربوية والجمالية.

وأوضح الخواجة، خلال حديثه، أن أهمية الورشة تكمن في تعزيز المعرفة بمسرح الطفل، وتعميق الثقافة بكل هذا المسرح وأسراره، مشدداً على أن مسرح الطفل فن صعب وليس سهلاً كما يعتقد البعض، موضحا أن «الكثير يستسهل هذا الفن ويراه من وجهة نظره سهلا، فيما يرى بعض النقاد والدارسين أنه أصعب بكثير من مسرح الكبار، لما يتطلبه من وعي تربوي ومعرفي خاص».

وأفاد بأن صعوبة مسرح الطفل تكمن في حاجته إلى معرفة دقيقة بعلم النفس والتربية وفهم الخصائص العمرية والمعجم اللغوي المناسب، مؤكداً أن كاتب هذا المسرح يجب أن يمتلك وعياً عميقاً بما يريده الطفل وما يتمناه، وما يهدف إليه في العصر الحاضر وليس في الماضي، وأشاد بدور الكويت الريادي «فهي سباقة في مجالات كثيرة ومنها هذا المهرجان في دورته الثامنة، والذي يجسد هذه الريادة، من خلال تعزيز الفنون من جانب، وتعميق الثقافة ومواكبة الحضارة من جانب آخر».

وتابع: «المسرح هو الحياة وهو الحضارة، ومن هذا المنطلق رسخت طقوس جميلة، فهناك عروض مسرحية تناقش، وندوات فكرية تطبيقية مثل مسرح الدمى والعرائس، وكذلك ورشة في كيفية كتابة النص المسرحي للطفل، وغير ذلك من الأمور، لذا أفتخر بمشاركتي للمرة الثالثة في هذا المهرجان، وأفتخر بأنني سأساهم في تقديم هذه الندوة الفكرية النظرية والعملية، من خلال شرح كيفية كتابة النص المسرحي للطفل».