في مشهدٍ اختصر عبثية وهشاشة القوانين الغربية، تحوَّل نازي ألماني جديد في لحظةٍ إلى امرأة، ليس عبر عمليةٍ تجميلية أو فحصٍ طبي أو حتى تقييمٍ نفسي، بل عبر استمارة وقانون «هَش» أقرَّه الغرب تحت مسمى «الحق في تحديد الهوية»، والذي يسمح لأي شخصٍ فوق 14 سنة بتغيير اسمه وجنسه في السجلات الرسمية بمجرَّد تقديم تصريحٍ خطي إلى مكاتب الأحوال المدنية، بلا فحوص طبية أو نفسية، ولا حاجة لقرارٍ قضائي. والذي كذلك يمكِّن الفرد من تغيير هويته مرة كل 12 شهراً، وبدأ تطبيقه رسمياً في أغسطس 2024. المفارقة، أن القانون جاء بدعوى لحماية حُرية الأفراد.
القصة تعود إلى شخصٍ يُدعى سفين ليبيتش (55 عاماً)، وهو شخصية معروفة بتطرُّفها وانتمائها للنازيين الجُدد، حُكم عليه بالسجن 18 شهراً بتهم التحريض على الكراهية والاعتداء. لكنه وجد في القانون الجديد ثغرة، فغيَّر اسمه وهويته إلى «مارلا- سفينيا»، وأصبح رسمياً امرأة في السجلات الألمانية، رغم شنبه الكثيف وملامحه الرجولية الصارخة.
القانون لم يطلب منه سوى توقيع، بلا أي شرطٍ طبي أو مراجعةٍ قضائية جادة، ما أتاح له أن يسخر من المنظومة كلها، ويحوِّل قضيته إلى مادة تهكُّم على قِيم الغرب الجديد.
هذه الحادثة ليست مجرَّد قضية فردية، بل انعكاس لتحوُّلات خطيرة في الغرب. الغرب الذي كان يحمل الانضباط والقِيم، أصبح اليوم أسير قوانين تافهة تُفرغ المبادئ من معناها. قوانين تسمح لأي شخصٍ أن يغيِّر هويته بين ليلةٍ وضحاها، وتجعل العدالة ألعوبة، والعقوبات قابلة للتخفيف بمجرَّد إعلان رغبة شخصية. والنتيجة: قارة تتحوَّل تدريجياً إلى مسرحٍ عبثي، وحفلٍ تنكري.
النازي الجديد لم يفلت فقط من عقوبة مشدَّدة، بل فضح الكثير كذلك، فقد أثبت أن ما يصفونه بـ «الحُرية» هو في الواقع انحلال وتشويه للقٍيم. بل استخدم أبسط طريقة للسخرية من المشرِّعين أنفسهم، مستعرضاً هشاشة منظومة قانونية أضاعت بوصلتها في خضم هوس الحُريات المُطلقة الذي يغزو المجتمعات الغربية، وهي صورة مؤسفة للغرب الجديد، الذي أصبح خليطاً من القوانين الطائشة، والقِيم المائعة، والانحلال الذي جعل كل شيء متداخلاً، حتى فقد المجتمع فطرته ومبادئه.
فقد عبَّر النازي الجديد عن الحُكم بإدانته وإيداعه في سجن النساء بابتسامة ساخرة، قائلاً: «كم أنا محظوظ!».
بالقلم الأحمر:
الغرب الجديد بحاجة إلى «عقلاني» قديم!