يبدي د. محمد الصويركي، في كتابه عن «تاريخ الأكراد» تعاطفاً كبيراً مع سليمان الحلبي الكردي، الذي اغتال الحاكم الفرنسي العام في مصر بعد ترك نابليون مصر نحو باريس على جناح السرعة في 1800م فمن كان سليمان الحلبي؟
ويقول عن سليمان إنه ولد ونشأ في حلب، ثم أرسله والده عام 1797م إلى القاهرة ليتلقى تعليمه بالأزهر الشريف، وهناك توطدت صلته بأستاذه الشيخ أحمد الشرقاوي الذي رفض الاستسلام للغزو الفرنسي... مساهماً في إشعال فتيل ثورة القاهرة الأولى يوم 21 أكتوبر 1798م، وكان سليمان الحلبي بجانب أستاذه الشيخ الشرقاوي عند اقتحام جيش نابليون أرض الجيزة، ثم أرض المحروسة - القاهرة.
وبعد تمكن الفرنسيين من إخماد ثورة المصريين الأولى اختفى من اختفى وهرب من مصر من هرب، ويقول: وكان سليمان الحلبي... ممن غادر أرض مصر إلى بلاد الشام بعد غياب ثلاث سنوات، وتوجه إلى مسقط رأسه «عفرين»، ليلتقي أحد قادة العثمانيين في حلب وهو أحمد أغا، فيأمره بالتوجه إلى مصر ويكلفه بمهمة اغتيال خليفة نابليون بونابرت الجنرال كليبر.
ويضيف د. الصويركي: تابع سليمان الحلبي مسيره حتى وصل إلى القدس، ثم توجه إلى الخليل، ومكث بها عشرين يوماً، وبعدها سار في أبريل 1800م إلى غزة في استضافة ياسين أغا، أحد أنصار إبراهيم بك في الجامع الكبير، وسلمه سليمان رسالة من أحمد أغا المقيم في حلب، تتعلق بخطة تكليفه بقتل الجنرال كليبر نظراً لكون سليمان عنصراً من عناصر المقاومة؟
وعن تفاصيل تنفيذ عملية الاغتيال يقول د. الصويركي: وفي صباح يوم 15 يونيو 1800م توجه سليمان الحلبي إلى بركة الأزبكية، حيث يقيم الجنرال كليبر، وبعدما فرغ كليبر من تناول الغداء في قصر مجاور لسكنه ومعه كبير المهندسين الفرنسيين قسطنطين بروتاين كان سليمان قد دخل حديقة القصر، وتمكن من طعن الجنرال كليبر بسكينته أربع طعنات قاتلة، وتمكن كذلك من طعن كبير المهندسين ست طعنات في أماكن مختلفة من جسمه.
وعن تفاصيل عملية إعدام الحلبي يقول: «أجريت له محاكمة عسكرية فرنسية قضت بإعدامه صلباً على الخازوق، بعد أن تحرق يده اليمنى، ثم يترك طعمة للعقبان، ونفذ فيه الحكم في تل العقارب يوم18 يونيو 1800م، وبقي جثمانه على الخازوق عدة أيام تنهشه الطيور الجوارح، والوحوش الضواري، وعلقت إلى جانبه رؤوس ثلاثة من علماء الأزهر - أصلهم من غزة - كان قد أفضى إليهم بعزمه على القتل، ولم يفشوا سره، وتم حرق أجسادهم حتى التفحم».
ويضيف د. الصويركي: «كان ذلك بعد دفن الجنرال كليبر في موضع قريب من قصر العيني بالقاهرة... باحتفال رسمي ضخم، ثم وضع جثمانه في تابوت من الرصاص ملفوف بالعلم الفرنسي، وفوق العلم سكين سليمان الحلبي المشتراة من غزة، وقد حملت إلى باريس عظام الجنرال كليبر في صندوق، وعظام سليمان الحلبي في صندوق آخر».
في الموسوعة العربية الميسرة رواية تضيف بعض التفاصيل، وتقول عن سليمان الحلبي 1777-1800 إنه كان طالباً سورياً في الأزهر، وزار القدس وغزة، وقابل بعض قادة الجيش العثماني، وعاهدهم على أن يقتل الجنرال كليبر حاكم مصري، بعد عودة نابليون بونابرت إلى فرنسا، وقضى عدة أيام يتعقب كليبر حتى ظفر به يتمشى مع فرنسي آخر طعنه بخنجر عدة طعنات، مات كليبر على أثرها، وفر سليمان فقبض عليه وحوكم أمام محكمة عسكرية فرنسية، ومازال الخنجر الذي طعن به كليبر محفوظاً في مدينة كركاسون بفرنسا.