تستعد الصين لاستضافة حدثين بارزين الأسبوع المقبل، الأول هو قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي تعقد ‬في مدينة تيانجين، عاصمة الصين القديمة، يومي الأحد والاثنين المقبلين، والثاني العرض العسكري في بكين الأسبوع المقبل، الذي ينظم بمناسبة الذكرى السنوية الـ 80 للاستسلام الرسمي لليابان خلال الحرب العالمية الثانية.

وتعقد قمة تيانجين بحضور قادة أكثر من 20 دولة ورؤساء 10 منظمات دولية، والتي حرصت الصين، التي تتولى الرئاسة الدورية، على أن تكون أكبر قمة من حيث الحضور في تاريخ هذه المنظمة الإقليمية، في خطوة تسلط الضوء على الطموحات القيادية الصينية الاقليمية.

Ad

في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الصينية، أمس، أن 26 زعيماً أجنبياً، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، سيحضرون العرض العسكري الأبرز منذ 6 سنوات في بكين.

وإلى جانب هؤلاء سيشارك ممثلون عن نحو 50 شخصية تنتمي إلى 14 دولة، من بينها روسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا، أسهمت في تحقيق النصر في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد اليابان.

زيارة غير مسبوقة

ووصف «الكرملين»، أمس الأول، زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصين، والتي ستتخللها مشاركته في قمة تيانجين، وعرض يوم النصر، بأنها «غير مسبوقة».

وتأتي الزيارة بعد قمة ألاسكا بين بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أطلق تصريحات بعد اللقاء، اعتبر فيها أن الصين وروسيا «عدوان طبيعيان»، وسط تحليلات متزايدة حول مساع أميركية لإحداث شرخ بين موسكو وبكين. وستكون لقاءات الرئيس الصيني شي جين بينغ مع بوتين فرصة دبلوماسية لتجديد الشراكة الاستراتيجية «غير المحدودة» بين البلدين.

وكان شي أشار، خلال استقباله رئيس مجلس النواب الروسي (مجلس الدوما)، فياتشيسلاف فولودين، في بكين الثلاثاء الماضي، الى أن «العلاقات بين الصين وروسيا تعد الأكثر استقرارا ونضجا وأهمية استراتيجية بين الدول الكبرى في عالم اليوم المتقلب والمتغير»، وشدد على ضرورة أن «يعمل الجانبان على المضي قدما في الصداقة التقليدية، وتعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة، وتعزيز التبادلات والتعاون في مختلف المجالات، وحماية مصالحهما الأمنية والتنموية بشكل مشترك».

كيم يحضر

كذلك سيكون حضور كيم جونغ أون لافتاً، خصوصا بعد إعلان بيونغ يانغ رسمياً عن مشاركتها في الحرب الروسية ضد أوكرانيا، في حين لا تزال بكين تؤكد موقفها الحيادي ودعوتها إلى حل سلمي للأزمة. وكان كيم وقّع عددا كبيرا من الاتفاقيات مع روسيا، في خطوة عكست تقارباً قد يقلق بكين، خصوصا أن بكين وموسكو لطالما تنازعتا بشكل أو بآخر النفوذ على النظام الشيوعي الحاكم في بيونغ يانغ.

وأكدت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية (KCNA) أن كيم سيحضر في بكين «يوم النصر»، مما سيشكل ظهوره الأول في حدث من هذا النوع، بمشاركة قادة دوليين.

وتُعد هذه أول زيارة يقوم بها كيم إلى الصين منذ عام 2019، حين بدت العلاقات بين بكين وبيونغ يانغ في السنوات الأخيرة وكأنها تتدهور بسبب تعزيز الروابط بين كوريا الشمالية وروسيا.

وتُفسر زيارته الحالية كإشارة إلى تقارب جديد مع القوة الآسيوية، التي أظهرت منذ يناير الماضي مؤشرات على ذلك عبر استئناف بعض التبادلات والإشارات الرسمية.

وقال مساعد وزير الخارجية الصيني، هونغ لي «الدفاع عن العلاقات الصينية - الكورية الشمالية وترسيخها وتطويرها هو موقف ثابت للحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية».

وأضاف أن بكين، التي لا تزال الشريك الاستراتيجي والتجاري الرئيسي لكوريا الشمالية، البلد الذي تشترك معه في حدود تتجاوز 1.400 كيلومتر، مستعدة لـ «مواصلة العمل جنباً إلى جنب مع كوريا الشمالية من أجل تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين (...) وكتابة فصل جديد من الصداقة التقليدية» بين البلدين.

أما بالنسبة لكيم، فهي فرصة ذهبية للعودة إلى الواجهة بعد فترة من العزلة النسبية، حيث كانت آخر زيارة خارجية له إلى روسيا في سبتمبر 2023، عندما كان البلدان يجهزان لاتفاق شراكة استراتيجية يتضمن ميثاقاً للدفاع المشترك.

ترامب في الانتظار

وتمنح زيارة كيم الصين أيضاً نصراً استراتيجياً، إذ تم الإعلان عنها في نفس الأسبوع الذي صرح فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال لقائه يوم الاثنين مع نظيره الكوري الجنوبي لي جيه - ميونغ، بأنه سيلتقي «في وقت ما» الزعيم الكوري الشمالي، كما فعل خلال ولايته الأولى (2017 - 2021).

ووفقاً للمكتب الرئاسي في كوريا الجنوبية، كانت سيول على علم بخطط كيم للسفر إلى الصين عند اجتماع لي مع ترامب، وهو ما «أثر» في اللقاء، بحسب ما ذكرته أمس وكالة يونهاب الكورية الجنوبية.

لكن في ظل عدم تحديد موعد للقاء محتمل بين كيم وترامب، ومع مواجهة الرئيس الأميركي صعوبات في مفاوضاته بشأن أوكرانيا، تأتي صورة شي إلى جانب بوتين وكيم لتعيد تأكيد مكانة الصين كحليف مؤثر على روسيا وكوريا الشمالية بعد فترة من التراجع.

وقالت الخبيرة المشاركة في المركز الأوروبي لدراسات كوريا الشمالية، غابرييلا بيرنال، لوكالة إفي إن «الصورة ستكون لمصلحة الصين، لأنها تُظهر للولايات المتحدة أن بكين لاعب رئيسي في حل بعض أكبر التحديات الدبلوماسية».

وأضافت «شي يبرهن لواشنطن أنه يملك ما لا يملكه ترامب، الاهتمام الوثيق وصداقة موسكو وبيونغ يانغ».

ومن المتوقع أيضاً أن يلتقي شي ترامب في وقت ما قبل نهاية العام، وهو لقاء سيتمكن الرئيس الصيني من التوجه إليه من موقع أقوى بعد أن جمع على أرضه بوتين وكيم.

رسائل أمنية

من ناحية أخرى، قالت وكالة شينخوا الرسمية أنه من المتوقع أن يصبح عرض «يوم النصر» استعراضاً هائلاً للقوة العسكرية المتنامية للصين، وإظهاراً للتضامن الدبلوماسي بين الصين وروسيا ودول جنوب العالم.

وقال وو تسه كه، نائب مدير مكتب المجموعة القيادية للعرض العسكري وضابط كبير في هيئة الأركان المشتركة للجنة العسكرية المركزية الصينية، خلال مؤتمر صحافي في بكين، أمس، إن العرض سيتضمن مجموعة واسعة من الأسلحة والمعدات، وسيُكشف عن العديد منها لأول مرة، لافتا إلى أن «الفعالية ستبرز التقدمات التي أحرزها الجيش الصيني أخيرا في مجال التحديث والجاهزية القتالية المعززة».

وفي رسائل أمنية على المستوى الإقليمي، حث هونغ لي، مساعد وزير الخارجية الصيني، في مؤتمر صحافي في بكين أمس، اليابان على «مواجهة التاريخ بجدية، والتفكير في جرائم عدوانها، والتخلي بوضوح عن النزعة العسكرية، واتباع الطريق الصحيح للتنمية السلمية وعلاقات حسن الجوار»، وذلك ردا على سؤال حول انتقادات يابانية للعرض العسكري.