«الكويت تعني لي الكثير»، هكذا بدأ غازي صعب مدير مكتبة بعقلين الوطنية حديثه في أول لقاء يجري معه، بحضور رئيس المجلس الاغترابي اللبناني فادي سعد. على ارتفاع 900 متر عن سطح البحر، ومسافة لا تزيد على 42 كم، كنا ضيوفاً على المكتبة العامة الوحيدة التي تتبع وزارة الثقافة منذ سنوات، بعد المكتبة المركزية الوطنية الأم للدولة في منطقة الصنايع بالعاصمة بيروت.
بعد استراحة قصيرة راح يروي لنا جانباً من علاقته بالكويت، فقد درس في المباركية والتحق بها عام 1955 لمدة سنة واحدة، حيث يتذكر وجبة العدس الصباحية، وكيف يأتي الخياط لقياس الزي المدرسي الذي سيرتديه على حساب إدارة المعارف، وتنقله بين مدارس أبرق خيطان وكيفان، حيث اختير قائد الأشبال، ثم قائد الجوالة، ومارس الحياة الكشفية.
لقد أمضى 15 سنة من حياته بالكويت وفي كنف والده المقاول فريد صعب، وعادا إلى لبنان سنة 1975.
والده ترك أثراً كبيراً في حياته الثقافية والوظيفية، فقد كان عضواً بالنادي الثقافي العربي، وعندما جاء إلى بيروت عمل في الحقل التربوي كمسؤول دائرة الامتحانات للمرحلة الثانوية، وقبل أن يتولى إدارة مكتبة بعقلين عمل في مهرجانات بيت الدين كمدير للمهرجان في بداياته.
225 ألف كتاب26 سنة وهو يعمل في إدارة هذه المكتبة الوطنية، وعندما تولاها عام 1999 كان عدد الكتب لا يتجاوز الـ25 ألف كتاب، واليوم بلغ عددها 225 ألفاً.
وبعد أن أصبحت المكتبة الوطنية الوحيدة التابعة لوزارة الثقافة أدخل عليها أقساماً جديدة وأنشطة لم تكن في السابق، كإنشاء مسرح جديد، بحيث تشهد على مدار السنة أنشطة متنوعة تصل إلى 250 نشاطاً، بين توقيع كتب ومحاضرات وندوات ومؤتمرات، حتى أصبحت نموذجاً حيوياً للمكتبات في الوطن العربي.
العراق والسعودية
لم تنحصر الخدمات البحثية التي تقدمها مجاناً داخل الإطار اللبناني، بل تعداها إلى العالم العربي، فابن وزير الثقافة العراقي أتم رسالة الدكتوراه من خلال المكتبة، وطالب سعودي من جامعة الملك عبدالعزيز كان يبحث عن كتاب قديم طبعة أولى عنوانه «حوادث الزمان في جبل لبنان» للمؤلف نقولا الترك ووجده هنا.
خصصت المكتبة، التي يأتيها الزوار من كل المحافظات وبشكل يومي، برنامجاً للدراسات العليا، وقدمت لهم تسهيلات بالإعارة وتوفير ما يحتاجونه من أبحاث ودراسات.
لها شأن في المكتبات العامة والجامعية بلبنان، وكل كتاب يصدر في لبنان ولديه ترقيم دولي توضع نسختان منه في مكتبة بعقلين، التي تتبع نظام ديوي العشري في عملية التصنيف والفهرسة.
114 كتاباً عن الكويت
اتبعت المكتبة التحول الرقمي في عمليات الحفظ وفهرسة البطاقات، وأنشأت قسماً خاصاً للأطفال فيه 35 ألف كتاب، فضلا عن ركن الموسوعات والمراجع التابعة لهذا القسم، والمعد خصوصاً لفئة الأطفال وباللغات العربية والإنكليزية والفرنسية.
ونحن نتجول في طوابق المكتبة أشار لنا غازي صعب إلى قسم الكتب النادرة والمخطوطات، وأقدم كتاب متوفر هنا هو كتاب فرنسي صدر عام 1725م، إضافة إلى قسم الرسائل الجامعية العليا.
في قسم الفهرسة والخدمات البحثية وجدت 114 كتاباً عن الكويت، إضافة إلى دوريات صدرت عن المجلس الوطني للثقافة، ومن بينها أعداد من مجلة العربي وعالم المعرفة وغيرها.
استقبلت المكتبة أربع مكتبات خاصة أهديت لها من أصحابها، وهي مكتبات قيمة وتاريخية، ووضع على مدخل كل مكتبة اسم صاحبها، ومنهم فؤاد الخشن، وفاروق عبدالرحمن غريب، وسليمان علم الدين، وأحمد أبو سعد.
وتشغل المكتبة مبنى أثرياً تراثياً، بناه العثمانيون عام 1897، وافتتحت عام 1987، وفيها قسم التصنيف والفهرسة، وقسم الآلي، ولديها موقع إلكتروني متاح للزوار: www.baaklee@library.