في تطور سياسي يهدد بزيادة الانقسامات داخل الساحة السورية، أعلن الأكراد في الشمال والشرق مع العشائر العربية بالرقة رفضهم القاطع للانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها منتصف الشهر المقبل، في خطوة تزامنت مع أخذ دروز السويداء خطوة نحو الانفصال بدمج فصائل مسلحة تحت قيادة موحدة.
وغداة إعلان اللجنة العليا إرجاء التصويت في 3 محافظات رئيسية هي السويداء، الرقة، والحسكة، قالت الإدارة الكردية، أمس، هذه «الانتخابات ليست ديموقراطية ولا تعبّر عن إرادة السوريين، وتعكس استمرار النهج الإقصائي الذي طبع الحياة السياسية لعقود»، ووصفتها بأنها «خطوة شكلية تهدف إلى إعادة إنتاج السياسات القديمة»، مؤكدة أن العملية الراهنة تقصي نحو نصف السوريين بسبب ظروف التهجير وسياسات التهميش، وهو ما يحول دون تحقيق حل سياسي شامل.
ورفضت الإدارة الذاتية توصيف مناطقها بأنها «غير آمنة»، مؤكدة أن شمال وشرق سورية «أكثر استقراراً وأمناً من مناطق أخرى خاضعة لسيطرة الدولة»، معتبرة أن الهدف من هذا التوصيف هو «تبرير سياسة إنكار حقوق أكثر من خمسة ملايين سوري». وأضاف البيان أن أي قرارات تتخذ «بعقلية أحادية» لن تكون ملزمة لشعوب المنطقة، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بالانتخابات التي «تتناقض مع القرار الأممي 2254» المتعلق بالتسوية السياسية وصياغة دستور جديد.
ولم يقتصر الغضب على الأكراد، إذ أصدرت نخب سياسية وحقوقية وإعلامية وعشائرية من محافظة الرقة بياناً حاد اللهجة، اتهمت فيه اللجنة العليا للانتخابات بانتهاك الدستور السوري المؤقت والمرسوم التشريعي 143 لعام 2025، الذي ينص على وحدة وسيادة الدولة.
وحذّر البيان من أن افتتاح مجلس الشعب من دون تمثيل الرقة سيكرّس واقعاً من التمييز الجغرافي ويُضعف مشروعية البرلمان الجديد، وشدد على ضرورة إعادة النظر بالقرار وضمان حق الرقة في التمثيل أسوة ببقية المحافظات.
وكانت مصادر في لجنة الانتخابات السورية قالت لقناة الحدث إنه يمكن للرئيس الشرع اختيار ممثلي السويداء والرقة والحسكة في البرلمان»، في خطوة تعزز مخاوف هذه المحافظات من الإقصاء.
جاء ذلك، فيما قال المبعوث الأميركي توم برّاك لصحيفة واشنطن بوست إن «اللامركزية قد تكون السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة سورية وضمان استقرارها». وأقرَّ برّاك بأن «الجميع بات يدرك الآن أن العودة إلى نظام مركزي صارم لم يعد واقعياً».
وأشار الى أن «سورية قد تحتاج إلى نموذج لا يكون فدرالياً بالكامل، لكنه يسمح للمناطق المختلفة بالحفاظ على هويتها الثقافية والدينية واللغوية، دون الشعور بالتهديد أو الإقصاء».
في سياق آخر، أثارت مقالة نشرها أحمد زيدان، مستشار الرئيس الانتقالي أحمد الشرع للشؤون الإعلامية، جدلاً واسعاً، بعدما دعا فيها جماعة الإخوان المسلمين في سورية إلى حل نفسها طوعاً.
زيدان، المعروف بخلفيته الإسلامية وارتباطه السابق بالجماعة، اعتبر أن بقاءها بشكلها التقليدي «يعزلها عن السياق السوري الجديد ويضر بمصالح البلاد».
ولاقى موقف مستشار الشرع ترحيباً من بعض الكُتّاب والنشطاء الذين رأوا فيه خطوة جريئة تعكس توجهًا رسمياً لإنهاء مرحلة التنظيمات العقائدية. ورأى مراقبون أن المقال قد يحمل رسائل سياسية من الرئاسة مفادها بأن الدولة الجديدة لا تنوي استيعاب أطر ذات طابع ديني، ما لم تتحول إلى كيانات مدنية بالكامل.