أول العمود:
فرانشيسكو كابريو، هو قاضٍ ومحامٍ أميركي، تُوفي قبل أيام، وقد عُرف بـ «قاضي الرحمة». كان ينبش في ظروف المتهم، ليجنبه عقوبة كاملة، قدر الإمكان. مقاطع الفيديو المنتشرة له تُعد مدرسة في الأحكام القضائية.
***
من الملاحظ أن المُتصدِّين للقضايا التاريخية للمجتمع الكويتي مُولعون بالقصص المبتورة المتصلة بشخوصٍ معينين، أو حدثٍ جزئي، أو سنة من الزمن، وهي طريقة تصلح لوظيفة الحكواتية، أو ما نسميه عندنا بالحزاوي، وهي طريقة لا تستقيم مع الجهد التاريخي الهادف إلى الثبات في الذاكرة الجمعية... ماذا نقصد هنا؟
سأسرد 3 أمثلة بارزة للتفكير في كيفية دعمها بالمعلومة والتوثيق، لكي تكون قصة متكاملة تُروى، ويمكن استخدامها في التدريس، أو الاستشهاد، أو الرواية.
1- قصة الماء في الكويت: عبارة عن كفاح اجتماعي وبشري وسياسي واقتصادي جمعي لا يمكن مثلاً اختزالها بالقفز من الحصول على الماء من «القلبان» إلى محطة تقطير الشويخ، فهذه مسألة طويلة جداً، وممتدة منذ السكن الأول في الكويت، حتى الخروج بصيغة الاعتماد على التقطير، مروراً بتكوين أسطول سفن الماء الخشبية، والتعامل مع سُلطات الانتداب البريطاني والعراق.
2- العمل الخيري والتطوعي: يُعد هذا الملف من المسائل القديمة في الكويت، وهي ليست لصيقة بالجمعيات الخيرية الدينية اليوم فقط، بل هي أسلوب حياة قديم بُني على التكافل الاجتماعي، الذي وُلدت بموجبه مدرسة المباركية والأحمدية والنادي الأدبي، كمثال. هذا الملف عُمره لا يقل عن 200 عام.
3- السِّلم الاجتماعي: من مرتكزات الأمن في الكويت منذ قرون، فالتنوُّع العرقي والطائفي والمذهبي والاجتماعي في الكويت، وعلى عكس دول أخرى، سار بمنهج حافظ فيها على كيان المجتمع والدولة إلى اليوم. وتشهد العديد من الحوادث الجسام كيف تعامل الناس والحاكم المتوالين بشكلٍ فطري وسريع لترميم جراح ومآسٍ وقعت.
نخلص هنا للقول بضرورة تكوين «منتدى تاريخ الكويت» يُعالج هذا المطلب، وهو صياغة قصص المجتمع الكويتي السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكلٍ علمي ومهني متكامل ومتصل من دون بتر أو تعتيم، لتتوارثها الأجيال، وتكون سجل الذاكرة الكويتية. صحيح أن هناك مؤلفات كُتبت وبحوث أُنجزت، إلا أن هناك حاجة لملاحقة الحقيقة والمعلومة بشكلٍ مستمر، أخذاً بالاعتبار توثيق الصِّلات الرابطة بين هذه القصص، فبها تكتمل صورة الحراك الاجتماعي العام.