في أوج التحركات الدبلوماسية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحثاً عن مخرج للحرب المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات، برزت جملة من المواقف المتناقضة بين روسيا وأوكرانيا، إذ أعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي أنه لن يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلّا بعد حصوله على ضمانات أمنية دولية «صارمة» من شأنها ردع أي عدوان جديد في المستقبل، فيما شدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن «قضايا أساسية» لا تزال عالقة قبل أي لقاء محتمل بين الزعيمين.

وفي واشنطن، أكد نائب الرئيس، جاي دي فانس، أنه ينبغي على أوروبا تحمُّل «حصة الأسد من عبء» ضمان أمن أوكرانيا.

Ad

وقال فانس، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز مساء أمس الأول، رداً على سؤال حول دور أوروبا بحماية كييف في حال نجحت جهود التهدئة: «لا أعتقد أن علينا تحمُّل العبء هنا، هذه قارتهم. وهذا أمنهم. لقد كان الرئيس ترامب واضحاً جداً أنه سيكون عليهم تحمُّل مسؤولياتهم».

وأكد فانس استعداد واشنطن للمساعدة في إنهاء النزاع المستمر، غير أنه سيظل على أوروبا - وفق نائب الرئيس - قيادة الأمور العسكرية، من دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل، مبيناً أن «الولايات المتحدة مستعدة للحوار، لكننا لن نقدم أي التزامات حتى يتضح المطلوب من أجل إنهاء الحرب أولا».

ويواجه ترامب معادلة دقيقة بين وعوده بإنهاء الحرب ودعم أوكرانيا، وبين معارضة قاعدته اليمينية لأي التزام عسكري جديد. وبينما لمّح إلى إمكانية تقديم «حماية جوية» لكييف في إطار اتفاق سلام، يرى مراقبون أن أي التزامات ميدانية قد تواجه برفض داخلي واسع.

وفي موازاة السجالات السياسية، كشف زيلينسكي عن نجاح قواته في اختبار صاروخ «كروز» بعيد المدى يحمل اسم «فلامنغو»، بقدرة على ضرب أهداف على بعد 3 آلاف كيلومتر. وأوضح أن الإنتاج الكمّي لهذا السلاح قد يبدأ مطلع فبراير المقبل، في خطوة تهدف إلى تقليص الاعتماد على المساعدات الغربية وتوسيع ترسانة أوكرانيا المحلية.

في المقابل، أعلنت مجموعة كلاشنيكوف الروسية أنها سترسل رشاشها الجديد «RPL-7» إلى الجبهة الأوكرانية لاختباره في ظروف قتالية، مؤكدة أنه يتمتع بقدرة نيرانية عالية وتصميم مدمج يجعله ملائماً للوحدات الهجومية الروسية.

ميدانياً، اتهم زيلينسكي القوات الروسية بتعزيز مواقعها في جبهة زابوريجيا الجنوبية، مشيراً إلى نقل وحدات إضافية من اتجاه كورسك نحو المنطقة. وحذّر من أن موسكو تستعد لهجوم جديد، في وقت أعلنت كييف أنها أسقطت مئات المسيّرات والصواريخ الروسية خلال الساعات الماضية، في أكبر هجوم جوي منذ أسابيع.

وحول احتمالية لقاء مباشر مع بوتين، قال زيلينسكي: «يمكن أن يتم اللقاء فقط بعد ضمان أمن أوكرانيا بشكل فعلي»، مشيراً إلى أن سويسرا أو النمسا أو تركيا قد تستضيف أي مفاوضات، لكنّه استبعد الصين من قائمة الدول الضامنة، بسبب «انحيازها إلى موسكو».

وأضاف أن أوكرانيا تعمل على صياغة هيكلية للضمانات الأمنية خلال 10 أيام، تمهيداً لاجتماع ثلاثي يضم الرئيس الأميركي.

قضايا رئيسية

وفي ملف الاتحاد الأوروبي، كشف زيلينسكي أنه طلب من ترامب الضغط على رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، لوقف عرقلة بدء محادثات انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي. وقال إن ترامب وعد بالعمل عبر فريقه لحل هذه المسألة. وتأتي هذه الخطوة بعد لقاء جمع الزعيمين في واشنطن بمشاركة قادة أوروبيين داعمين لكييف.

من جانبه، أكد لافروف أن بوتين لا يمانع لقاء زيلينسكي «من حيث المبدأ»، لكنه شدد على ضرورة «حسم القضايا الرئيسية مسبقاً»، ملوّحاً بالتشكيك في شرعية الرئيس الأوكراني الذي أجّل الانتخابات بحجة استمرار الحرب. وأضاف أن أي اتفاقات مستقبلية «لا يمكن توقيعها دون معالجة مسألة الشرعية».

وانتقد لافروف أيضاً الأوروبيين، متهماً إياهم بمحاولة تقويض نتائج قمة ألاسكا الأخيرة بين ترامب وبوتين، محذراً من أن مناقشة ضمانات أمنية لأوكرانيا، تشمل نشر جنود أوروبيين، بمعزل عن موسكو، هو «طريق إلى المجهول».

على صعيد متصل، شددت تركيا على ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق النار قبل إقرار أي بعثة دولية لحفظ السلام في أوكرانيا. وأكد مصدر بوزارة الدفاع أن أنقرة لن تنخرط في أي ترتيبات أمنية دون تفويض واضح وإجماع دولي.

وبحث الرئيس رجب طيب أردوغان مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون عملية السلام المحتملة بين روسيا وأوكرانيا، وأكد استمرار جهوده من أجل إنهاء الحرب بسلام عادل.

وإذ أعلن أنه يراقب عن كثب المباحثات التي جرت في ألاسكا وواشنطن، شدد على استعداد تركيا لاستضافة أي جهود في مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا.

من جهتها، أعادت قيادة حلف «ناتو» تأكيد دعمها لكييف خلال اجتماع لرؤساء أركان الحلف عبر الفيديو، فيما تتواصل المناقشات بين واشنطن وحلفائها بشأن طبيعة الضمانات الأمنية التي يمكن أن تُمنح لأوكرانيا.

وفي تطور منفصل، أعلنت النيابة العامة الألمانية أن السلطات الإيطالية اعتقلت مواطناً أوكرانياً يشتبه في ضلوعه بتنسيق الهجوم على خط أنابيب «نورد ستريم» عام 2022. ومن المقرر تسليمه إلى برلين لمواجهة اتهامات بالتخريب والتفجير غير المشروع.

الجيش الاميركي

الجيش الأميركي جهّز الخيارات العسكرية لأوكرانيا

أعلن الجيش الأميركي أمس وضع قادة عسكريين من الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية خيارات عسكرية بشأن أوكرانيا وسيعرضونها على مستشاري الأمن القومي في بلدانهم.

وفي وقت سابق، ذكرت وكالة رويترز أن مخططين عسكريين أميركيين وأوروبيين بدأوا استكشاف ضمانات أمنية لأوكرانيا في مرحلة ما بعد الصراع، عقب تعهد الرئيس دونالد ترامب بالمساعدة في حماية كييف بموجب أي اتفاق لإنهاء حرب روسيا في أوكرانيا.

وجاء في بيان للجيش الأميركي «ستُعرض هذه الخيارات على مستشاري الأمن القومي لكل دولة للنظر فيها بشكل مناسب في إطار الجهود الدبلوماسية الجارية».

وانعقدت الاجتماعات بين القادة العسكريين من الولايات المتحدة وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وأوكرانيا في واشنطن من يوم الثلاثاء حتى اليوم الخميس. وكانت «رويترز» أول من أورد تقارير عن اكتمال الخطط التي ستُعرض على مستشاري الأمن القومي.

وشعرت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بالارتياح إزاء وعد ترامب، خلال قمة انعقدت يوم الاثنين، بشأن تقديم ضمانات أمنية لكييف، لكن أسئلة كثيرة ما زالت بدون إجابة.

ويحذر مسؤولون من أن المخططين الأميركيين والأوروبيين سيستغرقون وقتا لتحديد ما سيكون عملياً ومقبولاً من الناحية العسكرية للكرملين. وقالت مصادر لـ «رويترز» إن أحد الخيارات هو إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا على أن تكون الولايات المتحدة المسؤولة عن القيادة والسيطرة. واستبعدت وزارة الخارجية الروسية نشر قوات من دول حلف شمال الأطلسي للمساعدة في تأمين اتفاق سلام.