كشف مصدر رفيع المستوى في وزارة الدفاع الإيرانية لـ«الجريدة»، أن طهران تستعد لجولة ثانية من المعارك مع إسرائيل بعد مرور أكثر من شهرين على حرب الـ12 يوماً، التي شاركت فيها الولايات المتحدة مباشرة عبر ضرب منشآت نووية إيرانية، وذلك عبر تكثيف تصنيع الأسلحة.
وأوضح المصدر أن إيران لا تزال تتمسك بالمسار الدبلوماسي عبر المفاوضات، إلا أن القوات المسلحة تضع كل إمكاناتها في حالة استعداد كامل، مؤكداً أن «المفاجأة في المواجهة الثانية ستكون بيد إيران، لا بيد إسرائيل كما حدث في الأولى».
وقال رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الإيراني، في تصريح له أمس، إنه في أي لحظة قد تندلع حرب أخرى بين إيران وإسرائيل، مضيفاً أن على بلاده «اعتماد استراتيجية هجومية، فأفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم».
وأفاد المصدر بأن مصانع السلاح تعمل على مدار الساعة دون توقف، لإنتاج أكبر كمية ممكنة من الأسلحة والصواريخ التي استُخدِمت في الجولة السابقة.
ورغم تحفظ روسيا والصين عن توريد أسلحة متطورة لإيران ورفضهما بيعها لها لتجنب أي عقوبات أميركية، زعم المصدر أن موسكو وبكين قد صدرتا إلى طهران رادارات حديثة، بينها رادارات الكوانتوم والرادارات الحرارية القادرة على رصد الطائرات الشبحية، إلى جانب أنظمة الحرب الإلكترونية.
بدوره، نفى مصدر صيني لـ «الجريدة» توريد أي أسلحة صينية حديثة لإيران. وفي ادّعاء يشير إلى تورط طهران في حرب أوكرانيا، قال المصدر إن إيران جرّبت أنظمة «ليزر البلازما» لاعتراض الطائرات المسيّرة الصغيرة الأسبوع الماضي على الأراضي الروسية، ونجحت تلك الأنظمة في إسقاط مجموعة مسيّرات أوكرانية صغيرة.
يأتي ذلك في حين أشارت تقارير إلى أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب بحثا الملف الإيراني خلال قمة ألاسكا، وأن الجانب الروسي أبدى استعداده للجم إيران للوصول إلى تسوية شاملة تتضمن تسليم الشرق الأوسط بما فيه إيران لواشنطن مقابل حصول موسكو على ما تريده.
ويقول خبراء إن طهران تتخوف من موقف روسيا في أي جولة جديدة مع إسرائيل، خصوصاً أن موسكو لم تقدم أي دعم لطهران في الجولة الأولى.
وكشف المصدر أيضاً أن إيران نجحت في تطوير صاروخ بالستي مزوّد برأس حربي كهرومغناطيسي، موضحاً أنه قادر على حمل رأس EMP، إضافة إلى رأس تقليدي يزن عشرة أطنان لتفعيل التأثير الكهرومغناطيسي.
وكانت إيران قد سلّمت سابقاً خمس قنابل كهرومغناطيسية لـ «حزب الله» اللبناني، لكنها لم تُستخدم خلال الحرب الأخيرة، وظلت ضمن «المفاجآت الاستراتيجية»، على حد تعبير المصدر.
ووفق وسائل الإعلام الإيرانية، فإن كل صاروخ من هذا الطراز قادر على تعطيل الكهرباء والاتصالات في دائرة قطرها 50 كيلومتراً، إضافة إلى تأثير انفجاري ضخم.
وفي تفاصيل الخبر:
حذّر مستشار القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء يحيى صفوي، من وقوع حرب جديدة وأخيرة مع إسرائيل وأميركا، مؤكدا أن الوضع الراهن لا يعكس وقفا لإطلاق النار بقدر ما يمثّل حالة مفتوحة على التصعيد في أي لحظة.
وقال مستشار المرشد علي خامنئي ليل الأحد - الاثنين، إن «إيران ليست في وقف لإطلاق النار، بل في مرحلة حرب»، وأشار إلى أن أي تهدئة قد تنهار في أي لحظة، مضيفا: «لا بروتوكول ولا اتفاقية كُتبت بيننا وبين الإسرائيليين، ولا بيننا وبين الأميركيين».
وأوضح صفوي أن «واشنطن وتل أبيب تعتقدان أن السلام يُصنع بالقوة، الأمر الذي يستدعي أن تكون إيران قوية على مستوى المنطقة والعالم»، مشددا على أن «وقف إطلاق النار لا يعني سوى توقّف مؤقت للنار، يمكن أن يُستأنف في أي لحظة».
وأضاف: «نحن العسكريون نضع السيناريوهات وفق أسوأ الاحتمالات، ونعد الخطط لمواجهة أسوأ السيناريوهات»، مشددا على ضرورة تعزيز المنظومات الدفاعية والاستراتيجيات الهجومية في آن واحد.
وأشار إلى أن «ذلك يشمل القدرات الدبلوماسية والإعلامية والسيبرانية والصاروخية والطائرات المسيّرة»، مؤكدا أن «أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم»، وأن الاستعداد للحرب هو الطريق الأمثل لضمان السلام.
وفي وقت سابق، دعت هيئة الأركان الإيرانية واشنطن وتل أبيب إلى الكف عمّا وصفته بـ «التآمر والعداء» ضد طهران، محذّرة من أن أي «مغامرة عسكرية» أو «خطأ في الحسابات» سيُقابل بردّ أقسى منه في أي وقت مضى.
في الأثناء، توجّه الرئيس مسعود بزشكيان، أمس، الى يريفان، في زيارة يبحث خلالها إنشاء ممر يربط أذربيجان بجيب تابع لها عبر أراضي أرمينيا، كان جزءا من اتفاق سلام رعته واشنطن ووقّعه البلدان الجاران لإيران، التي تخشى أن يتيح حضورا أميركيا في القوقاز على حدودها الشمالية.
وقال بزشكيان قبل مغادرته في الزيارة التي تشمل بيلاروسيا، إن الوجود المحتمل «للشركات الأميركية في المنطقة مثير للقلق»، وإنه سيبحث ذلك مع المسؤولين الأرمينيين، «وسنعرب عن مخاوفنا».
وكانت أرمينيا وأذربيجان قد وقّعتا في وقت سابق من أغسطس، اتفاقا في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يرمي الى وضع حد لعقود من النزاع بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين.
ونصّ الإعلان على إنشاء «منطقة عبور» تمرّ عبر أرمينيا وتربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها غربا، على أن يُسمّى «طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين». وبموجب الاتفاق، تحظى الولايات المتحدة بحقوق تطوير الممر المعروف كذلك بممر زنغزور.
وسبق لإيران أن عارضت هذا المشروع، خشية أن يقطع اتصالها بأرمينيا وبقية دول القوقاز، ويؤدي الى نشر قوات أجنبية معادية قرب حدودها.
وكان بزشكيان قد حذّر في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الأسبوع الماضي، «من الإجراءات المحتملة للولايات المتحدة، التي قد تسعى من خلالها إلى الهيمنة في منطقة القوقاز تحت ستار الاستثمارات الاقتصادية وضمانات السلام».
وتوالت المواقف الإيرانية المنددة بهذا المشروع منذ الإعلان عن الاتفاق بين باكو ويريفان.
وقال وزير الخارجية عباس عراقجي، أمس الأول، إن المسألة «حساسة»، مشيرا الى أن ما يثير قلق طهران بالدرجة الأولى هو أن يؤدي المشروع الى «تغييرات جيوسياسية في المنطقة».
ونقلت عنه وكالة إرنا الايرانية الرسمية قوله إن المسؤولين في يريفان «أكدوا لنا أن أي قوات أميركية، أو شركات أمنية أميركية لن تنتشر في أرمينيا بذريعة هذا الاتفاق».
وكان علي ولايتي، مستشار خامنئي، اعتبر أن الممر «مؤامرة» من شأنها أن تعرّض «أمن جنوب القوقاز للخطر»، محذّرا من أنه «لن يتحول إلى ممر يملكه ترامب، بل سيكون مقبرة لمرتزقته».
من جهة ثانية، قال المتحدث باسم «الخارجية»، إسماعيل بقائي، أمس، إن طهران ستواصل المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإن الطرفين سيجريان جولة أخرى من المفاوضات على الأرجح خلال الأيام المقبلة.
ولم يتسنّ لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية منذ أن قصفتها إسرائيل والولايات المتحدة خلال حرب استمرت 12 يوما في يونيو، على الرغم من تصريح مدير الوكالة، رافائيل غروسي، بأن عمليات التفتيش لا تزال على رأس أولوياته.
وقال بقائي «أجرينا محادثات الأسبوع الماضي، وستستمر، وستكون هناك جولة أخرى من المحادثات بين إيران والوكالة على الأرجح خلال الأيام المقبلة».
من جهة أخرى، قال وزير الداخلية، إسكندر مؤمني، إن إيران رحّلت 1.2 مليون لاجئ أفغاني على مدار الأشهر الستة الماضية، وتعتزم طرد 800 ألف آخرين بحلول مارس المقبل. وبهذا يرتفع إجمالي المُرحّلين إلى مليونَي شخص من أصل ما يُقدّر بـ 6 ملايين أفغاني يعيشون في البلاد.