بثلاثة عناوين يمكن تلخيص زيارة الموفد الأميركي توم براك ونائبته مورغان أورتاغوس. العنوان الأول يتعلق بالثناء على قرار لبنان في حصر السلاح وتبني الأهداف الواردة في ورقته والاطلاع على الآلية التطبيقية لذلك. العنوان الثاني هو التداول بملف التجديد لـ «يونيفيل» ومصيرها، خصوصاً أن أورتاغوس ستكون هي المعنية بمتابعة هذا الملف انطلاقاً من موقعها في البعثة الأميركية بالأمم المتحدة. أما العنوان الثالث فيتعلق بالبحث في كيفية الضغط على إسرائيل للبدء بخطوات تتقاطع مع الخطوة اللبنانية في حصر السلاح.

من وحي المواقف التي أطلقها بعد اللقاءات كان براك مرتاحاً نسبياً، ومرر موقفاً واضحاً لجهة ضرورة التزام إسرائيل ببنود الورقة والبدء بخطوات عملانية تنسجم معها طالما أن لبنان كان قد وافق عليها وسيبدأ بالعمل. براك نفسه هو الذي كان قد اقترح سابقاً مبدأ الخطوة مقابل خطوة، بينما اقترح لبنان مبدأ الخطوات المتلازمة. في المعادلة التي رست بدأ لبنان بالخطوة الأولى، وهو ما دفع بالمبعوث الأميركي إلى تمرير إشارة واضحة حول ضرورة إقدام إسرائيل على القيام بخطوة في المقابل.

تبقى الجملة الأساسية هي التي قالها براك من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ أشار باختصار إلى أن الجميع يسير في المسار الصحيح، والجميع سيستفيد من التحسن الاقتصادي. وكان في قصر بعبدا قد أشار إلى أن الشيعة سيستفيدون من سحب السلاح من «حزب الله». وما يقصده باستفادة الشيعة، هو الأمر المتعلق بانسحاب إسرائيل، ووقف الضربات ووقف عمليات الاغتيال، إضافة إلى الدخول في مسار إعادة الإعمار أو فتح الباب أمام الكثير من الاستثمارات في لبنان، ما يفترض أن ينعكس إيجاباً على مختلف شرائح الشعب اللبناني، وفق توصيفه.
Ad


خطوات جدية

في اللقاء مع بري، استعاد رئيس المجلس ما كان قد اتفق عليه مع براك، أي مطالبة إسرائيل بالإقدام على خطوات جدية لتحقيق تقدم في مسار حصر السلاح، مع الإشارة إلى أن هذا المبدأ كان موقفاً موحداً من الرؤساء الثلاثة الذين شددوا على ضرورة ممارسة الضغوط على إسرائيل لدفعها إلى وقف العمليات، وبدء الانسحاب من إحدى النقاط مثلاً. على أن يستكمل ذلك بشكل متدرج بين خطوات لبنانية مقابل خطوات إسرائيلية.

وبالعودة إلى نتائج زيارة براك، تؤكد المصادر المتابعة أنه شدد على ضرورة أن يواصل لبنان العمل على تطبيق الخطة التي أقرتها الحكومة، مؤكداً للبنانيين أنه سيزور إسرائيل للحصول منها على جواب واضح حول الالتزام بكل الخطوات، كما أكد أنه سيزور لبنان مجدداً في نهاية الشهر ومع انتهاء خطة الجيش وتقديمها إلى مجلس الوزراء.

وبحسب المعلومات، تركزت أسئلته على الخطوات العملانية التي سيقوم بها الجيش، وفي المقابل شدد المسؤولون اللبنانيون على ضرورة الضغط على إسرائيل للالتزام بذلك، كما طالبوه بضرورة العمل لأجل توفير المساعدات اللازمة للجيش وبدء التحضير لعقد مؤتمر لتوفير المساعدات لإعادة الإعمار. أما في ملف «يونيفيل» فتشير المصادر إلى أن واشنطن توافق على التمديد لهذه القوات، ولكن لفترة وجيزة تمتد إلى بضعة أشهر، على أن يتم إنهاء عملها قريباً مقابل تعزيز عمل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار بالتعاون مع الجيش اللبناني.

سلاح المقاومة

في غضون ذلك، شدّد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، على أن السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لن يتحقّقا من دون وجود سلاح المقاومة، معتبراً أنه يشكّل الضامن الوحيد لردع إسرائيل.

وأكد لاريجاني، أمس الأول، أن تعليقات إيران بشأن لبنان والمقاومة لا تعني بأي حال التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، لافتاً إلى أن السياسة الإيرانية تسعى إلى دعم لبنان في مختلف الظروف دون أن تفرض مواعيد أو تتدخل في قراراته الداخلية، مضيفاً أن «القرار بيد الشعب اللبناني».

وخلال جولة شملت بغداد واختتمها في بيروت الأسبوع الماضي بلقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون، أكد لاريجاني أن «المقاومة خيار لا يُهزم ودعمها واجب»، واعتبرها رأسمال استراتيجياً لا يقتصر على لبنان وحده، بل يشمل المنطقة بأسرها، مشددا على أن «بطولات حزب الله في مواجهة عدوان الكيان الإسرائيلي على لبنان لم تسمح له بالسيطرة على الأرض».

وتجسد تصريحات لاريجاني الموقف الذي تؤكده طهران حول الدور الاستراتيجي الذي تؤديه المقاومة في المعادلة الأمنية الإقليمية. وتمثل رسالة واضحة بأن إيران ترفض أي توجه لتقييد أو نزع سلاح المقاومة، وتعتبره خطاً أحمر في تعاملاتها مع الملفات الإقليمية، خصوصاً في ظل استمرار النزاع مع إسرائيل والتوتر المتصاعد في المنطقة.