يُعيد المسرح العربي اكتشاف روائع الأدب الغربي بين حينٍ وآخر، ليس كنقلٍ حرفي، لكن من أجل خلق حوار بنَّاء بين الماضي والحاضر، وبين الشرق والغرب.
وفي هذا الإطار، يُقدِّم مسرح السامر في القاهرة تجربة فريدة تُزاوج بين كوميديا «ماريفو» الفرنسية وحيوية المسرح المصري المعاصر، من خلال عرض «حُب من طرف حامد»، الذي يحوِّل نص «لعبة الحُب والمصادفة» الشهير إلى لوحة غنائية استعراضية.
شهد المسرح السامر، التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، ليلة فنية مميزة، وسط إقبال كبير من الجمهور، الذي توافد لمشاهدة عرض «حُب من طرف حامد» على مدى أسبوعين.
مواقف كوميدية
المسرحية الأصلية للكاتب الفرنسي بيير دي ماريفو، كتبها عام 1730، وتحكي قصة تبادل الأدوار بين الخدم والأسياد في مواقف كوميدية تكشف عن مفارقات الحُب والطبقة الاجتماعية. أما النسخة العربية، التي صاغها محمد جمال وأخرجتها سهى العزبي، فقد حافظت على روح النص الأصلي، فيما غزلت حوله إطاراً معاصراً يعكس واقع السوشيال ميديا وعلاقات الجيل الجديد، ما أضفى على العرض الكثير من الحيوية.
جذب الشباب
من جانبه، أكد مساعد وزير الثقافة، خالد اللبان، أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تُولي مثل هذه الأعمال اهتماماً خاصاً، نظراً لما تقدمه من تجديد يجذب الشباب إلى خشبة المسرح، مشيداً بالأداء التمثيلي المتميز، والتعاون الوثيق بين فريق العمل.
فيما كشفت العزبي عن تحدِّي إنجاز العمل في وقتٍ قياسي، معتمدةً في ذلك على طاقة شباب الممثلين الذين نجحوا في تقديم رؤية عصرية من دون التفريط في عُمق النص الكلاسيكي.
سحر يمحو التعب
وعلى مستوى أبطال العمل، لم تكن المشاعر أقل حماسةً، حيث عبَّر ميدو عادل عن تعلقه بالمسرحية، قائلاً: «هذا العرض المسرحي جمعنا في جو من المحبة، انعكس على أدائنا الجماعي».
أما أميرة عبدالرحمن، التي جسَّدت دور أميرة، فوصفت لحظات الوقوف على خشبة المسرح بأنها «سحر يمحو أي إرهاق أو تعب». بينما أشارت نورهان عبدالعزيز (نعمات) إلى روح التعاون والود بين فريق العمل، معربةً عن أمنياتها بأن يحظى العمل بإعجاب الجمهور.
من الناحية التقنية، حرص مصمم الديكور محمد جابر على خلق عالم بصري بديع يتناغم مع أحداث المسرحية، رغم ضيق الوقت. بينما صمَّم رضا كامبا استعراضات غنائية كوميدية أعطت العمل نبضاً خاصاً.
يشارك في البطولة مجموعة من الوجوه الشابة والموهوبة، مثل: خالد محروس، وإيهاب عزالعرب، وميرال شفيق، مدعومين بطاقم فني متميز في الألحان محمد مصطفى، والملابس رنا عبدالمجيد، والإضاءة أحمد أمين.
إعادة اكتشاف ماريفو
«حُب من طرف حامد» ليس مجرَّد عرض مسرحي، بل رسالة تؤكد أن الأدب العالمي يمكن أن يزهر بشكلٍ متميز في تربة عربية، طالما جرى تحويل النص الأصلي إلى عملٍ يتماشى مع ثقافتنا وأفكارنا الخاصة، وهو ما نجح فيه هذا العرض الذي أعاد اكتشاف «ماريفو» في المسرح المصري.