استبق الرئيس السوري أحمد الشرع استعراض جيشه لقدراته البحرية وتنفيذه عمليات إعادة تموضع وانتشار غير مسبوق مع دوريات جوالة على حدود المياه الإقليمية، وشدّد ليل السبت - الأحد على أن معركة توحيد الدولة يجب ألا تكون بالدماء أو القتال الداخلي، بل عبر الحوار والتفاهم، مؤكداً أن مشاريع التقسيم «مستحيلة» ومَن يطالب بها «جاهل سياسي وحالم».
وفي جلسة حوارية بإدلب بحضور وزراء ووجهاء، قال الشرع: «أسقطنا النظام في معركة التحرير، واليوم أمامنا معركة التوحيد، ولا يمكن أن نخوضها بالقوة العسكرية». واتهم الشرع الاحتلال الإسرائيلي بالتدخل المباشر في السويداء ومحاولة ضرب الوحدة الداخلية، محذراً من أن «أي طرف يستقوي بالاحتلال لن يحقق شيئاً».
وبينما جدد التأكيد أن 90 في المئة من أهالي السويداء متمسكون بدمشق، حذر من «فتنة طائفية تديرها إسرائيل»، مؤكداً أن الدولة الجديدة ماضية نحو الوحدة وإسقاط كل مشاريع التفتيت.
وبعد يوم من استقباله بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، تطرّق الشرع أيضاً إلى الاتفاق مع الأكراد ممثلين في قوات سورية الديموقراطية (قسد)، مبيّناً أن بعض ممارساتها تخالف ما تقوله في المفاوضات، لكنه شدّد على أن اتفاقه مع قائد القوات ذات الأغلبية الكردية مظلوم عبدي قائم وسينفذ «دون التنازل عن ذرة تراب».
وجاء خطاب الشرع بعد أحداث دامية في السويداء خلّفت أكثر من 1600 قتيل، استغلتها إسرائيل عبر قصف قرب القصر الرئاسي ومقر هيئة الأركان بدمشق بذريعة «حماية الدروز». وأقر الشرع بوجود تجاوزات من كل الأطراف، مؤكداً أن الدولة «ملزمة بمحاسبة جميع المتورطين».
في المقابل، خرج أبناء الطائفة الدرزية في إدلب بمظاهرة رافضة للخطاب الانفصالي، مؤكدين أن «من يطلب التدخل الإسرائيلي لا يمثل الدروز» وأن البوصلة تبقى دمشق.
بالتوازي، أعلنت وزارة الدفاع السورية انتشاراً بحرياً واسعاً على طول الساحل الشمالي والجنوبي لحماية المياه الإقليمية، في وقت بحث وزير الداخلية السوري في أنقرة تعزيز التعاون الأمني مع تركيا وملف عودة اللاجئين.
وفي الداخل، شهدت دمشق انفجار عبوة ناسفة دون إصابات، كما اغتيل القيادي السابق في المعارضة علاء الدين أيوب في إعزاز.
وفي تفاصيل الخبر:
عشية استعراض الجيش السوري قوته بعملية إعادة تموضع وانتشار بحري غير مسبوق مع دوريات جوالة على حدود المياه الإقليمية، خرج الرئيس أحمد الشرع ليضع النقاط على الحروف في ملف الوحدة، مؤكداً أن معركة توحيد سورية يجب ألا تُخاض بالدماء أو القوة العسكرية، بل عبر الحوار والتفاهم الوطني، ورافضاً بشكل قاطع أي مشاريع للتقسيم أو الاستقواء بقوى إقليمية، وعلى رأسها إسرائيل، التي اتهمها بمحاولة التدخل المباشر في الجنوب السوري تحت ذرائع «حماية الدروز».
وفي لحظة مفصلية بمسار سورية الجديدة، قال الشرع، في جلسة حوارية ضمّت وزراء وسياسيين ونقابيين ووجهاء بمحافظة إدلب: «من يطالب بالتقسيم في سورية جاهل سياسي وحالم، والأفكار الحالمة كثيراً ما تنتهي بأصحابها إلى الانتحار»، مشدداً على أن «عوامل التقسيم غير متوافرة وشبه مستحيلة».
وأضاف الشرع: «لقد أسقطنا النظام في معركة تحرير سورية، وأمامنا اليوم معركة أصعب، هي معركة توحيدها، وهذه ينبغي ألا تكون بالدماء أو بالقوة العسكرية، بل بالتفاهم الوطني وبإدارة الخلافات بطريقة حكيمة».
تجاوزات وتدخلات
كلمة الشرع جاءت بعد أيام من أحداث دامية في محافظة السويداء، قُتل خلالها أكثر من 1600 شخص، بينهم مدنيون، في مواجهات بين مسلحين دروز وعشائر بدوية، قبل أن تتدخل قوات حكومية ويتعقد المشهد بتدخلات إسرائيلية مباشرة عبر ضربات قرب القصر الرئاسي ومقر هيئة الأركان في دمشق.
وأقرّ الشرع بوجود «تجاوزات من جميع الأطراف، بما فيها بعض عناصر الجيش والأمن السوري»، مؤكداً أن «الدولة ملتزمة بمحاسبة كل من ارتكب هذه الانتهاكات، أياً كان موقعه».
كما اتهم إسرائيل باستغلال مشهد الدماء والتحريض الطائفي في السويداء من أجل إضعاف سورية، وقال: «هناك أطراف تحاول الاستقواء بالاحتلال، لكن تحقيق أهدافهم أمر مستحيل».
وشدد على أن غالبية أهالي السويداء «مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بدمشق»، معتبراً أن ما شهدته المحافظة أخيراً كان بفعل «فئة قليلة تحرّض على الفتنة الطائفية وتريد تأزيم المشهد».
وأضاف: «قابلت أكثر من 6 وفود من السويداء خلال الأشهر الأخيرة، وكلها أكدت أن الدروز جزء أصيل من سورية، وأكد مجدداً رفض أي ذريعة إسرائيلية تحت مسمى حماية الدروز، لافتاً إلى أن الاحتلال يستغل الموقف في السويداء، بينما يتجاهل المأساة الإنسانية في غزة.
الدروز والأكراد
وفي الوقت الذي رفع بعض المحتجين في ساحة الكرامة بالسويداء أعلام إسرائيل، مطالبين بـ «حق تقرير المصير»، خرج أبناء الطائفة الدرزية في إدلب بمظاهرة حاشدة رفضوا فيها أي خطاب انفصالي أو تعاون مع إسرائيل، مؤكدين أن هذه الأصوات «لا تمثّل الدروز».
وحمل المتظاهرون في جبل السماق لافتات كتب عليها: «لا للتدخل الخارجي»، و«يسقط عملاء الصهاينة»، فيما شدد ناشطون من أبناء المنطقة على أن «البوصلة هي دمشق»، وأن الدروز «مكوّن أصيل من الشعب السوري، وحمايتهم مسؤولية الدولة وحدها».
وتطرّق الشرع أيضاً إلى العلاقة مع قوات سورية الديموقراطية (قسد) ذات الأغلبية الكردية المدعومة أميركياً، مشيراً إلى أن «بعض ممارساتها على الأرض تختلف عمّا تقوله في المفاوضات»، لكنّه أكد المُضي في تنفيذ الاتفاق الموقّع في 10 مارس مع قائد «قسد»، مظلوم عبدي، الذي يقضي بدمج مؤسسات الإدارة الذاتية ضمن مؤسسات الدولة السورية.
وقال: «نناقش حالياً آليات التنفيذ، ولدينا فرصة تاريخية لإنجاح هذا الاتفاق، وسورية لن تتنازل عن ذرّة تراب واحدة».
وفي السياق، أكدت مصادر مطلعة أن وزير الخارجية السوري التقى أخيراً مسؤولين من الإدارة الكردية في دمشق، بعد تعثّر محادثات بوساطة فرنسية.
حضور بحري
وبالتوازي مع الملفين السياسي والأمني، أعلنت وزارة الدفاع السورية عن عملية انتشار واسعة للقوى البحرية على طول السواحل الشمالية والجنوبية ضمن المياه الإقليمية. وجاء في بيان رسمي أن الدوريات البحرية والجوية ستعمل على «تأمين الحدود البحرية وحماية السيادة الوطنية»، وأوضح أن «التموضع البحري جزء من خطة استراتيجية لحماية الحدود البحرية السورية شمالاً وجنوباً».
وفي أنقرة، بحث وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، مع نظيره السوري، أنس خطاب، سبل تعزيز التعاون الأمني، بما في ذلك برامج تدريب مشتركة وملف عودة اللاجئين السوريين، واعتُبر اللقاء خطوة لافتة في سياق مسار تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة بعد عقود من القطيعة.
وفي الداخل، شهدت العاصمة دمشق انفجار عبوة ناسفة في سيارة قديمة بحي المزة دون وقوع إصابات، في حين اغتيل القيادي السابق في المعارضة المسلحة علاء الدين أيوب، الملقب بـ «الفاروق أبو بكر»، في مدينة أعزاز برصاص مجهولين، مما أثار جدلاً واسعاً حول عودة الاغتيالات السياسية.
من جانب آخر، أعلن وزير الاتصالات، عبدالسلام هيكل، أن فريقاً من وزارته يعمل مع ممثلين أميركيين وشركات تقنية كبرى لإزالة اسم سورية من قائمة الدول المقيدة تكنولوجياً، مشيراً إلى أن «غوغل» ستبدأ خلال أيام بإتاحة خدماتها بشكل تدريجي في البلاد.
كما أعلن وزير الطوارئ، رائد الصالح، إخماد حرائق الغابات في ريف اللاذقية بشكل كامل، مع استمرار المراقبة تحسُّباً لأي تجدد.