رغم استبعاد مجلس صيانة الدستور الإيراني لمعظم مرشحيه من انتخابات مجلس خبراء القيادة، شرع التيار الإصلاحي في تحركات مكثفة تحسباً لاحتمال الاضطرار إلى انتخاب خليفة للمرشد الأعلى علي خامنئي.
وقال مصدر بمكتب المرشد لـ «الجريدة»، إن أعضاء مجلس الخبراء أجروا تصويتاً غير حضوري أعادوا من خلاله تثبيت 3 مرشحين محتملين لخلافة خامنئي، هم نجله مجتبى، وزميلاهم علي رضا أعرافي، وهاشم حسيني بوشهري، موضحاً أن المرشد، بخلاف ما جرى سابقاً، لم يرفض هذا التصويت، وهو ما فسّره البعض بإشارة ضمنية إلى أنه لم يعد يعارض ترشيح ابنه.
من جانبهم، بدأ كبار الإصلاحيين في التواصل مع عدد من أعضاء «الخبراء»، لثنيهم عن تأييد مجتبى. وبحسب المصدر، قرر الإصلاحيون دعم ترشيح أعرافي، ولهذا الغرض زار الرئيس مسعود بزشكيان مدينة قم، والتقاه في خطوة عكست، بشكل غير مباشر، دعمه لهذا الخيار. ويخشى الإصلاحيون أن وصول مجتبى، المدعوم من أجهزة الأمن والمؤسسة العسكرية والشبكات الاقتصادية النافذة في مكتب المرشد، سيقود إلى سيطرته الكاملة والسريعة على السلطة، في وقت يفتقر فيه أعرافي إلى دعم مماثل. ويرى التيار الإصلاحي أن هذا التوازن سيمنح الرئيس المنتخب دوراً أكبر وقدرة على التأثير في مسار الدولة.
ويبرز خلاف جوهري بين التيارين حول توزيع السلطات، فالإصلاحيون يطالبون بتقليص صلاحيات المرشد لمصلحة تعزيز دور الرئيس، بينما يتمسك الأصوليون بسيادة المرشد على مفاصل الدولة. كما تختلف الرؤيتان بشأن الأولويات الوطنية، إذ يرى الإصلاحيون أن مصلحة إيران القومية يجب أن تكون على رأس الأولويات، في حين يصر الأصوليون على أن الثورة ومشروع تصديرها للعالم يجب أن تتقدم على الدولة.
وفي وقت سابق، أثار أداء المرشد نشيد «أي إيران» خلال مراسم عاشوراء، جدلاً واسعاً، واعتُبر بمنزلة رسالة ضمنية تُظهر تحوّلاً في موقفه لمصلحة أولوية القومية الإيرانية. وهو تصرّف كان سيثير ردود فعل قمعية في سياقات سابقة لو صدر من شخصية غير المرشد، لأن ترديد نشيد وطني في مناسبة دينية كان كفيلاً باستدعاء العقوبات ضد مَن نظّموه وحضروه.
آية الله أعرافي، الذي يرأس الحوزات العلمية في قم، يُعد من الأصوليين المعتدلين، وهو مقرّب من تيار يضم شخصيات بارزة، مثل صادق آملي لاريجاني، والرئيس الأسبق حسن روحاني، ويحظى بقبول نسبي لدى رجال الدين الإصلاحيين، أما مجتبى، فمدعوم من الحرس الثوري والأجهزة الأمنية، خصوصاً بعد اغتيال شخصيات بارزة معارضة له من داخل هذه المؤسسات خلال حرب الـ 12 يوماً مع إسرائيل.
ورغم ارتباطه بالتيار الأمني، فإن مجتبى يتبنّى خطاباً أقرب إلى الشباب، ويشجّع على إدخالهم في دوائر السلطة على حساب السياسيين والعسكريين المخضرمين، عبر إحالتهم للتقاعد. في المقابل، يرى أعرافي أن بقاء النظام واستقراره يتطلبان استمرار الجيل الأول من الثورة في مواقع القيادة.
وبناءً على هذا التباين، يفضّل كثير من ممثلي الجيلين الأول والثاني للثورة، المسيطرين حالياً على أجهزة القرار، وصول أعرافي إلى منصب المرشد، خوفاً من أن يُقدِم مجتبى على إقصائهم جماعياً، ويعززون هذا الموقف باعتبار أن توجهات مجتبى قريبة من شخصيات مثل أحمدي نجاد وآية الله مصباح والراحل إبراهيم رئيسي، في حين أن أعرافي أقرب فكرياً لروحاني، وخاتمي، وصادق لاريجاني، والراحل هاشمي رفسنجاني.