قد يبدو الحديث عن العمارة في سياق الطفولة أمراً غير مألوف، لكنه في الحقيقة يُمثّل رؤية عميقة نحو بناء الإنسان قبل المكان. فالطفل حين يُمنح فرصة فهم التكوين المعماري والجمال البصري من سن مبكرة، يُصبح جزءاً من منظومة حضارية تنظر للمكان بوصفه امتداداً للهوية والخيال والإبداع.

من هنا، تبرز أهمية البرامج التعليمية التي تُعنى بالطفولة والعمارة معاً، فهي لا تزرع فقط مهارات فنية وتقنية، بل تؤسس لذوق جمالي، ونظرة تحليلية، وحس بالمسؤولية تجاه البيئة المبنية. هذه الدورات أو الورش التعليمية، رغم بساطتها الظاهرة، تُساهم بشكل مباشر في تنمية فكر الطفل النقدي، وتعزز لديه روح الابتكار، والإبداع.

Ad

وفي الكويت، بزغت مبادرة فريدة من نوعها قادتها المعمارية سرى سعود الصباح، أطلقت من خلالها برنامجاً فريداً من نوعه تحت مسمى «المعماري الصغير»، وهو أول مبادرة «تطوعية» متخصصة في تعليم الأطفال مفاهيم العمارة والفن بطريقة مبسطة وعملية وممتعة. لا يقتصر البرنامج على تلقين المعرفة، بل فتح مساحات للأطفال للتعبير، للابتكار، وللتفاعل مع العمارة كفن وأداة لفهم العالم من حولهم، وهو يتمحور حول «البناء» بشكل عام سواء الإنسان أو المبنى أو الفكر أو الإبداع.

وتقدم المعمارية سرى الصباح أيضاً ورشة تفاعلية للبالغين والكبار تحمل اسم «بيت العمارة»، وهي منصة تعليمية حاضنة للفكر المعماري والفني في المجتمع. هذا المشروع يمثل بصمة واضحة في المشهد الثقافي والفني والتاريخي الكويتي، ويستحق أن يُحتضن من قبل المؤسسات الثقافية والعلمية.

إن مشروع «المعماري الصغير» ليس مجرد ورشة تعليمية، بل هو مشروع وطني، يستحق الدعم والرعاية، لأنه ببساطة يبني جيلاً يرى الفن والعمارة كأسلوب حياة، وزاوية نظر جديدة نحو العالم.

بالقلم الأحمر:

هذه البرامج المُثرية تستحق الدعم.