لم يتسن لي معرفة «مركز دراسات أرض فلسطين» بشكل كامل، والمنضوي تحت سقف الجامعة الأميركية في بيروت، والذي تم إنشاؤه حديثاً بسبب إجراءات بيروقراطية متبعة ومعقدة، بالرغم من التوصية التي أرسلها الصديق الدكتور سلمان أبوستة لهم من الكويت، علماً أنه أحد المؤسسين والداعمين والمتبرعين بمكتبته الخاصة.
هذا المركز ما زال في بدايات مشواره العملي، فما شاهدته عند زيارتي الخاطفة لأحد مباني الجامعة الأميركية كان عبارة عن ورشة عمل يتولى القائمون عليها ترتيبها وتصنيفها وفهرستها.
تلك الخطوة لا شك ستصب في خدمة القضية الفلسطينية، نظراً لنوعية الكتب والخرائط والوثائق التي يمتلكها، وستكون عوناً للباحثين والمهتمين بتوفير ما يحتاجونه من مواد ووثائق ومراجع وخرائط.
وأنا خارج من حرم الجامعة الأميركية في بيروت متوجهاً إلى مؤسسة الدراسات الفلسطينية، أعرق مؤسسة بحثية مستقلة مركزها بيروت، استرجعت شريطاً من الذكريات عن أهم المراكز البحثية التي ماتت وانتهت مع خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية وقياداتها عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي لها.
مركز الأبحاث الفلسطيني، الذي أُسس عام 1965 على يد فايز صايغ، ومن بعده أنيس صايغ، كان هدفاً عسكرياً رئيسياً لدولة الاحتلال، فقد جرت عدة محاولات لتدميره بدءاً من عام 1969، والتفجيرات المتلاحقة التي طالت المرحوم د. أنيس صايغ بطرد بريدي متفجر، إلى أن تحول إلى هدف عسكري عام 1982 اقتحمه الجيش الإسرائيلي بعد توجيه صواريخ دكت المبنى المقام في شارع السادات بالحمراء.
مركز الأبحاث الفلسطيني انتهى بنقل كل محتوياته على يد الجيش الإسرائيلي، ثم جرى تبادل تلك المحتويات مع الأسرى، ووصل إلى الجزائر، ولم يعد له أثر يذكر.
لا أعرف هل توجد نسخ احتياطية لتلك المحتويات المقدرة بنحو 300 كتاب بحثي ومجلة شؤون فلسطينية ومكتبة بطابقين فيها على الأقل 20 ألف مجلد وكتب بثلاث لغات (عبري وعربي وفرنسي)، يعني ذاكرة أرشيفية عمرها 17 سنة تشكل ثروة من المعلومات.
ما يعنينا أن مراكز الأبحاث الفلسطينية، التي تصدت للرواية الصهيونية، وساهمت في صون الذاكرة الجمعية الفلسطينية، ستبقى هدفاً عسكرياً إسرائيلياً، وبالتالي فهي معرضة للتدمير والسرقة، كما حصل مع مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت أو مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية في قطاع غزة.
السؤال: ماذا فعلت بقية مراكز الأبحاث الفلسطينية لحماية وحفظ ما تمتلكه من إصدارات ووثائق وخرائط ومكتبات رقمية وصوتية؟
يوجد أكثر من 38 مركز تفكير فلسطينياً بالداخل والخارج، وأهم المراكز موجودة في بيروت والضفة الغربية والأردن، من بينها عدد مهم جداً من مراكز الأبحاث والدراسات عددها سبعة مراكز.
قبل أن تمتد يد الإسرائيليين إلى تلك المراكز عاجلاً أم آجلاً، نحتاج إلى من يوضح ويفيد ويطمئن.