«بلاد الله الضيقة» عنوان لكتاب وثائقي سطّره فادي توفيق، السياسي الشيعي السابق، والمعارض لـ «حزب الله» الموالي لإيران.
الكاتب شرح في كتابه، بالتفصيل، الحياة الحزبية الطائفية الكريهة داخل «الضاحية الجنوبية» لبيروت، التي كانت في يوم ما سهلاً أخضر جميلاً ببساتينه وسكّانه الطيبين. لم تكن هذه البقعة من بيروت تعرف باسم «الضاحية الجنوبية» قبل أن تصبح منطقة خارج القانون والسلطة اللبنانية العربية، مستقوياً عليها الحزب بالنظامين الإيراني والسوري السابق، فارضاً عليها وبقوة السلاح التغيرات الديموغرافية والسياسية التي ابتليت بها، ولتتحول إلى كيان مستقل يحكمه ذلك الحزب الذي سيطر على الحياة السياسية والأمنية حتى العسكرية اللبنانية، ولتتحول «الضاحية الجنوبية» لبيروت إلى دويلة موازية للدولة اللبنانية لها أنظمتها وتقاليدها المستوردة الخاصة بها المختلفة عما حولها، مما جعل الضاحية منطقة مغلقة يتهيب الناس من دخولها. ذلك الحزب هيمن على «الضاحية الجنوبية لبيروت»، وفرض سيطرته التامة على شؤونها، حتى أنه شكّل داخل أحيائها مربعات أمنية، وفرض على سكانها تقديم تقارير مفصلة عن حياتهم الشخصية وعلاقاتهم للجان الأمنية التابعة له، متعرضين للتفتيش والاستجواب، هذه التصرفات دفعت سكانها الأصليين من كل الطوائف إلى بيع ممتلكاتهم ومغادرتها، مفضلين ذلك على العيش في أجواء غريبة عنهم لا يمكنهم التأقلم معها.
يقول فادي توفيق، وهو شيعي من المنطقة نفسها، إن شيعة الضاحية الأصليين كانوا يتميزون بتدين وسطي، أما الوافدون الجدد فقد أتوا بتدين مختلف، فبعد أن كانت احتفالات عاشوراء تقتصر على تلاوة القرآن والسيرة الحسينية، تحولت إلى طقوس جديدة دخيلة علينا لم نرها من قبل. حتى نظام التعليم لم يسلم، فشؤون الضاحية التعليمية بعيدة عن المنهج التعليمي الرسمي للدولة، وفرض الحزب رؤيته وتصوره للمجتمع كما يريد هو، وأقام في معقله بالضاحية «دولة مستقلة داخل لبنان»، لا تخضع لسلطة الدولة اللبنانية، لها أنظمة وتقاليد خاصة بها تختلف عن باقي المناطق في البلاد، الحزب لم يكتف بذلك، فقد أقام شبكة اتصالات خاصة به موازية لشبكة الهاتف الحكومية اللبنانية.
وأشار الكاتب إلى رفع صور الرموز والأعلام الإيرانية لا اللبنانية في شوارع الضاحية وأزقتها.
حفظ الله لبنان الذي عاد أخيراً إلى حضن أشقائه العرب بعد أن تخلص من كابوس كتم عليه عقوداً طويلة، وأعانه على التخلص من بقايا تركة ثقيلة تسبب بها الكثيرون من أعدائه، من داخل لبنان ومن خارجه، ولم يتبق إلا تخليص «ضاحية بيروت المحتلة» من مجاميع ميليشيات هيمنت عليها وكتمت على أنفاسها.