«النُّقَاضُ يُقَطَّر الجَلَبَ»، قول عربي قديم يُنْصَح المرء به حتى يقوم بإصلاح ماله قبل أن يتطرَّقَ إليه الفَسَاد، والنُّقَاض بضم النون وشدها مقصود به فَنَاء الزاد أو الحلال، ويُقَطَّر أي يؤتى بقطار من الإبل، والجَلَبَ هو ما جُلب للبيع، أي إذا جاء الجَدْبُ جُلبت الإبل قطاراً للبيع، مخافة أن تهلك، ويُقَال للقوم الذين هلكت أموالهم: أنْقَضَ القوم.

فهذا القول هو نصيحة تدعو إلى الاقتصاد بحفظ المال عن طريق استثماره بدلاً من هدره، وإضاعته على أمور ليس من ورائها عائد يكون عوناً في وقت الشدة، هذا المثل يتعارض تماماً مع المثل القائل: «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب».

Ad

وهناك آيات وأحاديث وأقوال كثيرة تحث على الاقتصاد وعدم التبذير والإسراف، فالله تعالى يقول محذراً: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا»، «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، «وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ»، فالنهي عن الإسراف واضح جلي حتى أن الله جعل المبذر من إخوان الشياطين.

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما عالَ مَنِ اقتَصَدَ»، وهو قول شريف يؤكد أن مَن يقتصد في معيشته وتدبير أموره المالية لن يفتقر أبداً، فالاقتصاد هو ضمان الاستقرار المالي والوقاية من الفقر والحاجة، وقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَخَذَ مِنَ اللَّهِ أَدَبًا، إِذَا وَسَّعَ عَلَيْهِ اقْتَصَدَ، وَإِذَا أَقْتَرَ عَلَيْهِ اقْتَصَرَ»، فيا لها من نصائح نبوية لو أخذت بها أمتنا ما جاعت ولا تقهقرت.

وهناك حكم قيلت في الاقتصاد وحسن التصرف في المال والحلال، ومنها: «ادخرْ قرشك الأبيضِ ليومِك الأسود»، و«الادخار كنز لا يفنى»، و«من جدّ وجد، ومن زرع حصد»، وهذا القول تحديداً هو سر نجاح الأمم الحية، فهي جدّت وبذلت الجهد ولم تتقاعس، فحصلت على مرادها من صناعات وابتكارات واختراعات، وأقامت مؤسساتها التنموية التي ضمنت لها مستقبلها ووفرت لها الرفاهية والعيش الكريم... وويل لأمة أسرفت ولم تدّخر، وأهملت إصلاح مالها فأفلست.