في رواية كويتية غير مسبوقة، يقتحم الأديب طالب الرفاعي عالما بكرا في مدونة الرواية الخليجية - العربية، عبر مغامرة موسيقية روائية جديدة يستحضر من خلالها سيرة حياة الفنان الكويتي المبدع عوض دوخي. رواية «دوخي... تقاسيم الصَّبا» تخوض في سيرة حياة الفنان دوخي، منذ لحظة ولادته في منطقة «شرق» عام 1932، ولحين لحظات وفاته عام 1979، مستحضرة أهم المحطات الإنسانية والموسيقية في حياة هذا الفنان، الذي يعد بحق أحد أهم الأصوات الموسيقية المجددة في التراث الموسيقي الكويتي.
عالم السيرة الذاتية
طالب الرفاعي في روايته «دوخي... تقاسيم الصَبا»، وكما في رائعته الروائية «النجدي»، التي تُرجمت إلى مختلف لغات العالم، يعود إلى عالم السيرة الذاتية، رابطاً بتمكّن روائي باهر بين اللحظة الآنية ولحظات التذكّر، كاشفاً سيرة حياة فنان كويتي عُرف بعشقه لغناء الصوت العربي، وتجديده في الألحان الكويتية التراثية، وصولاً إلى ترديده أغاني السيدة أم كلثوم.
وترصد الرواية تفاصيل الساعات الثلاث الأخيرة في حياة الفنان دوخي، مع ربط واضح بين حياته ومنعطفات المجتمع الكويتي، بمروره من مجتمع صغير وبسيط، يعتمد على البحر، قبل اكتشاف وتصدير البترول، وصولاً إلى مجتمع الدولة الحديثة، مع تصوير اللحظات الأكثر تأثيراً في هذه الانتقالة الكبيرة.
مأزق الحياة الصعب
الرواية تتّبع مسيرة الفنان الذي ولِد في بيئة موسيقية، فجده كان نهّاماً مطرباً يغني على سطح السفينة، وكذلك والده وخاله وأخوه الأكبر الذي علّمه العزف على العود. عوض دوخي الذي تيتم باكراً فاضطر إلى العمل على السفن البحرية الكويتية منذ نعومة أظفاره، يعيش مأزق الحياة الصعب بتأمين لقمة العيش له ولأسرته، متخذاً العزف على العود والغناء رفيقاً له طوال حياته.
وتقدم الرواية عالمها الموسيقي متماهياً مع الحراك الاجتماعي الكويتي، ومتدخلاً مع الحضور العربي الموسيقي بالكويت، يوم تأسست فرقة الإذاعة الموسيقية في بداية الخمسينيات، لتشكل الانطلاقة الأهم للغناء الكويتي. رواية «دوخي... تقاسيم الصَّبا»، سيرة حياة مجتمع عبر عيون صبي وشاب تولّع بالغناء حتى صار عنواناً له.
ويمضي الأديب طالب الرفاعي بقارئ الرواية، بين ألحان متلاطمة، عالية كانت أو خفيضة، صوب منطقة ملتبسة يختلط فيها المَالِحُ التاريخي بِالحُلْو الشخصي، وكلما توغلنا في الرواية أمسكت بتلابيبنا حنكة الصياغة ودهشة المتخيل.