مرة أخرى يبدو أن العقل قرر الاستقالة، أو على الأقل أخذ إجازة مفتوحة في أروقة الاتحاد الكويتي لكرة اليد، حيث الخلافات لا تُحل بل تُخصب، والمشاكل لا تقل بل تتكاثر، فأنت لا تحتاج إلى عدسة مكبرة لتكتشف حجم الفوضى التي تضرب أطنابها في هذا الاتحاد، ولا تحتاج إلى كثير من الذكاء لتدرك أن هناك من يصرّ على أن يعيش داخل دوامة لا تنتهي من الصراعات الساذجة، فبعد عقود من النجاحات التي صنعتها أجيال متعاقبة، البطولات تُنسى بينما تُقام المعارك على عدد المحترفين!

نعم، صدق أو لا تصدق، لا تندهشوا، السبب «الرسمي» لاهتزاز كيان الاتحاد واهتزاز كراسيه، والمعركة التي قد تُطيح برئيس مجلس إدارة الاتحاد ليست بسبب فضيحة مالية، ولا إخفاق في بطولة، ولا تراجع في التصنيف بل خلاف عميق حول عدد اللاعبين المحترفين الذين يحق لهم دخول قائمة المباراة: هل هم اثنان؟ أم ثلاثة؟

Ad

نعم، ببساطة البعض يريد (3) محترفين في كشف المباراة، والآخر يصر على (2) فقط، والثالث في المدرجات!

والمؤسف، أو المضحك - المبكي، أن الحل بسيط جداً، بل سهل لدرجة أنه لا يحتاج أكثر من اقتراح بعقد جلسة فنية واحدة يشارك فيها أهل الخبرة لتحديد عدد المحترفين بناء على ما يناسب مستوى المسابقة، وعدد الفرق، ونوعية اللاعبين المحليين، لكن يبدو أن البعض لا يريد الحل، فالفوضى بالنسبة له بيئة خصبة، والصراع فرصة ذهبية للظهور وكسب النفوذ، حتى لو احترقت اللعبة بمن فيها.

لذلك من الواضح جداً لكل ذي بصيرة أن المشكلة ليست في عدد المحترفين، بل في العقول التي لا ترى أبعد من أنفها، أو ترى الحل لكنها تخشاه، لأنها تعيش وتتنفس على الأزمات في رياضتنا... هناك دائماً حلول، لكن للأسف هناك من يعمل على دفنها فور ولادتها حتى تبقى المناصب تُحسم بالولاءات لا بالكفاءة.

والأدهى، أن هناك من يدفع الأمور عمداً باتجاه التصعيد الخارجي، متناسياً أن إدخال اللجنة الأولمبية أو حتى الاتحاد الدولي ليس نزهة، بل مشهد عبثي حقيقي ويحول قضية ذات جذور «فنية» إلى نسخة جديدة من مسلسل «الحل والتدخل الدولي» وينذر بأزمة قد تدفع ثمنها رياضة كانت لعقود مفخرة للكويت.

بنلتي

في اتحاد اليد، اللاعب الثالث قد لا يلعب داخل الملعب، لكنه يلعب بمصير اللعبة كلها، ويكاد يطيح بمجلس بأكمله!

الاحتراف الحقيقي يبدأ من الفكر... أما هذا، فاحتراف في خلق الأزمات لا أكثر.