نستكمل في هذا الجزء ملاحظاتنا على النموذج المُقترح لمجلس الخدمة المدنية لإعادة هيكلة عمل الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة التي بدأناها بالجزء الأول من هذا المقال:
3- الوقت المُعطى للجهات الحكومية لإجراء التغييرات وعمل الهيكل المُقترح قصير جداً، ويمكن أن تؤدي سرعة الرد على طلب الديوان إلى ارتكاب بعض الأخطاء الإدارية والتنظيمية.
وقد ثبتت صحة هذه الملاحظة مع إقرار أول 10 جهات تم اعتماد هياكلها التنظيمية الجديدة، حيث أصدر وزير التربية، المهندس سيد جلال الطبطبائي، قراراً وزارياً بتاريخ 26/ 7/ 225 يقضي بتعديل القرار الوزاري رقم 242 لسنة 2025 الصادر بتاريخ 3/ 7/ 2025 بشأن الهيكل التنظيمي للوزارة، بتقليص عدد الإدارات العامة من 16 إلى 14 إدارة عامة مع إعادة هيكلة عدد من الوحدات التنظيمية، لتتناسب مع تخصصات القطاعات ومجالات إشرافها الفعلي، بما يحقق تكامل الأدوار بين القطاعات، وتطوير بيئة العمل التربوي والإداري، علماً بأن اعتماد الهيكل التنظيمي الجديد لوزارة التربية صدر قبل أقل من شهر في 3/ 7/ 2025!
4- مجلس الخدمة المدنية اعتمد شروطاً تكميلية إضافية جديدة لوظيفة «مدير عام» مرفوعة من ديوان الخدمة المدنية، وهي الوظيفة التي تم استحداثها في نموذج الهيكل التنظيمي المُعدَّل المعتمد من المجلس، والتي ستُطبَّق في الهياكل التنظيمية بالوزارات والإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة، التي تسري بشأنها أحكام وقانون نظام الخدمة المدنية، وأن الشروط الإضافية التي تم اعتمادها تتضمَّن إلى جانب الشهادة الجامعية وخبرة 14 سنة اشتراط تقديم اختبار «السمات الشخصية» للإشرافيين من جهة متخصصة لديها اعتماد دولي لعقد مثل هذه الاختبارات.
5- أن مدة التعيين في وظيفة «مدير عام» لمدة 4 سنوات تُجدَّد لمرة واحدة بموافقة الوزير بحد أقصى 8 سنوات. فإذا افترضنا أن متوسط العُمر الطبيعي للتخرُّج هو 23 سنة، يُضاف لها 14 سنة خبرة، وعدد 8 سنوات عمل في وظيفة «مدير عام»، فيكون عُمر الموظف 23+14+8=45 سنة، هو إحالة المدير العام للتقاعد، إذا لم تتم ترقيته لوظيفة وكيل مساعد، فإن النتيجة بعد 8 سنوات من الآن هي إحالة المديرين العامين في الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة للتقاعد في عُمر 45 سنة، علماً بأن عدد المديرين العامين الذي اقترحه مجلس الخدمة المدنية سيزيد عدد المديرين العامين في الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة، والتي يبلغ عددها من 53-57 جهة، بمعدَّل من 8- 14 «مديراً عاماً» في كل جهة حكومية، كما هو الحال في وزارة التربية، ووزارة الشؤون الاجتماعية. فكيف سيتم التعامل مع هذا العدد الكبير من المتقاعدين الشباب، وتأثير ذلك على ميزانية المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وآثارها الإدارية والمالية والاجتماعية والنفسية على شباب يُحالون للتقاعد في سن مبكرة؟!
هذه بعض المشاكل الإدارية والتنظيمية الأولية التي تم اكتشافها فقط عند اعتماد الهياكل التنظيمية الجديدة لعدد 10 جهات حكومية فقط، بسبب التسرُّع في تطبيق نموذج مجلس الخدمة المدنية. ولنا ملاحظات قادمة سيتم ذكرها عند اعتماد واستكمال الهياكل التنظيمية لباقي الوزارات والإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة.
ودمتم سالمين