لقد وصلت بشاعة مسرح الجريمة في غزة إلى درجة تجويع الصهاينة للفلسطينيين ليتم قنصهم في أماكن توزيع المساعدات... والمجتمع الدولي يتفرج! ولكن الكويت بموقفها التاريخي تجاه القضية الفلسطينية كانت أول من قدّم المساعدات لغزة وجازف أطباؤها بأرواحهم لإجراء العمليات الجراحية في القطاع، فحملات الإغاثة مستمرة حتى الأسبوع الماضي بجسر جوي لتبرعات حكومية وأهلية، وكذلك بالمحافل الدولية، حيث أطلق وزير خارجيتنا، الثلاثاء الماضي، نداء استغاثة أمام المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية، داعياً إلى جهود السلام وحل الدولتين والإيقاف الفوري للعدوان وفتح المعابر، لنفخر اليوم ــ نحن الكويتيين ــ بأننا أكملنا قرناً من الدعم لفلسطين، أي منذ 1921، بزيارة وفد فلسطيني لجمع تبرعات المسجد الأقصى، واستمررنا حتى النكبة 1948، وسمحنا بتدفق الفلسطينيين إلى الكويت وتضاعف عددهم بعد حربي 1967 و1973 التي شاركنا فيهما وقدّمنا 42 شهيداً، كما أوقفنا تصدير النفط لضرب إسرائيل وحلفائها دعماً للقضية الفلسطينية، كما كانت الكويت المحطة الأولى لتأسيس حركة فتح بقدوم ياسر عرفات ما بين عامي 1957 و1958 ثم رئيساً لمنظمة التحرير، وتوالى بعدها الدعم الكويتي بمئات الملايين، من الحكومة والشعب والجمعيات الخيرية والهلال الأحمر لتشييد البنية التحتية للمناطق والمخيمات ودعم المنظمة والانتفاضة والجهاد الفلسطيني.
ومن المفارقة أن تتزامن اليوم جهود الدعم الكويتي للقضية الفلسطينية مع الذكرى الخامسة والثلاثين للغزو التي مرّت أمس، والتي شابتها طعنة في خاصرة الكويت، نسردها فقط للتاريخ ولا يُلام عليها اليوم الشعب الفلسطيني المكلوم، طعنة وجهتها آنذاك قيادات بالمنظمة بزعامة عرفات الذي بلغت عنده قيمة الكويتي بضعة دولارات فقط، ذكرناها في مقال كتبناه عام 2004، بعد كشف رئيس الصندوق القومي الفلسطيني، جويد الغصين، في مقابلة بقناة العربية من خلال برنامج نقطة نظام ومقدمه حسن معوض، أن صدام حسين دفع لشراء موقف المنظمات الفلسطينية 150 مليون دولار، ذهب 50 منها إلى الشعب والـ 100 مليون تم الاستيلاء عليها من المنظمة، بل وشيّد فلسطينيون تمثالاً لصدام في الضفة.
لقد وصل اعتداء بعض أعضاء الجالية الفلسطينية والقائمين بسفاراتهم أثناء الغزو حتى على دبلوماسيينا بالخارج، كسفيرنا في البرازيل فيصل الغيص، وتهديده بالقتل وتهديد زوجته باختطاف ابنتهما من المدرسة إن لم يتوقف عن هجومه على الرئيس صدام وعن المطالبة بتحرير الكويت عبر المسيرات واليافطات بالشوارع والملصقات والكتابة بالصحف، وأشهرها مقال نشره بأكبر صحيفة، هي بسانتباولو، بعنوان «منظمة التحرير الفلسطينية... مشكلة فلسطينية»، فأشادت بجهوده الصحافة البرازيلية والسفارات الغربية، ومنهم السفير الأميركي ريتشار ملتون قائلاً: جهودك حفزتنا للوقوف إلى جانب الحق الكويتي.
وقد كتبنا شيئاً مشابهاً عن إساءات المنظمة للقضية الفلسطينية منذ سنوات بمقال «زلمات أوسلو»، حين وافق عرفات على اتفاقية الحكم الذاتي، فكانت إعداماً للقضية الفلسطينية، اتفاقية أصبح بعدها بعض المشاركين فيها من أصحاب الملايين.
لم تتوقف طعنة منظمة التحرير في خاصرتنا أثناء الغزو عند هذا الحد، بل وصلت للنكث بالعهد والفضل، حين منحت الكويت بعض أعضائها الجنسية الكويتية، كالمدعو خالد الحسن الذي خطط ضد الكويت وتعامل مع المحتل، فسُحبت جنسيته وممن كسبها معه بالتبعية بعد الاحتلال، وفقاً للمرسوم 147 لسنة 1991.
ونقول اليوم في ذكرى الغزو، كما قال السفير الغيص في تغريدته أمس، ورغم تعرّضنا كشعب وتعرضه للاعتداء قبل 35 عاماً من فئة ضالة، إننا نقف مع الحق الفلسطيني ضد جرائم إسرائيل البشعة، لأننا أصحاب دين ومبادئ ثابتة تجاه القضية الفلسطينية مهما كان موقفهم من الغزو.
إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.