قسمت «محاكمة القرن» في كولومبيا تاريخ القضاء في البلاد إلى ما قبل وما بعد، بعدما أُدين الرئيس الأسبق ألبارو أوريبي (2002-2010) في الحكم الابتدائي بالسجن 12 عامًا إلى جانب عقوبات أخرى، في قرار وصفه بأنه «منحاز»، ووجه انتقاداته للقاضية ساندرا إريدا التي أصدرت الحكم.

اوحسمت لقاضية، التي قرأت يوم الإثنين الماضي أجزاء من الحكم المؤلف من 1,114 صفحة والذي جعل من أوريبي أول رئيس كولومبي يُدان جنائيًا، الجلسة اليوم بإعلان عقوبة أشد من المتوقع (التي كانت متوقعة بين 4 و8 سنوات سجن).

Ad

وأصدرت القاضية الحكم على أوريبي بالسجن لمدة 12 عامًا، بالإضافة إلى غرامة تفوق 3,400 مليون بيزو كولومبي (حوالي 822 ألف دولار)، ومنع من تولي المناصب العامة لأكثر من ثماني سنوات، بتهمة الاحتيال الإجرائي والرشوة ضمن إجراءات قانونية.

وقال أوريبي في كلمة طويلة عقب صدور الحكم: «ليمنحني الله القوة... لأتحمل هذه الصعوبات، لأواصل ما أريده، في النضال من أجل كولومبيا».

وبرأت القاضية أوريبي من تهمة ثالثة هي الرشوة البسيطة، ومنحته حق تنفيذ العقوبة بالإقامة الجبرية، لكنها أمرت فورًا باعتقاله، وهي خطوة تُنفذ عادة بعد تأكيد الحكم في مراحل قضائية لاحقة.

ولهذا الغرض، أبلغت القاضية مركز الخدمات القضائية في ريونيجرو، وهي بلدة في إقليم أنتيوكيا حيث يقيم أوريبي، لإصدار «أمر التوقيف المناسب» وتنفيذ «النقل الفوري» إلى محل إقامته، حيث كان يتابع الحكم عن بُعد عبر الإنترنت.

وانتقد أوريبي ذلك قائلًا: «ويُحرمونني من حقي في البقاء حرا. إحدى المبررات لمنعي من الحرية هو تجنب العنف».

وأضاف أنه في أثناء تمتعه بالحرية، كان يجوب البلاد ويشارك في المنتديات ويعبر عن مواقفه «بصراحة».

وقال «أعبر عن أسباب معارضتي لهذه الحكومة، لكن أبدًا، لا أنا ولا حزبي ولا رفاقي في السياسة، كنا محرضين على العنف».

وانتقد أوريبي، مؤسس حزب المركز الديمقراطي اليميني، أداء القاضية لا لصرامة الحكم فحسب، بل لأنه يعتبر أنه «لا توجد أدلة» تدينه في القضية التي تعود جذورها إلى خصومته السياسية مع السيناتور اليساري إيفان سيبيدا، الذي يتهمه منذ سنوات بصلاته المزعومة مع الجماعات شبه العسكرية.

وقال أوريبي إن «التحاملات والانفعالات والانحياز ضد الدفاع، ضدي وضد عائلتي، كلها مؤشرات على أن هناك تحيزًا واضحًا يجب على العدالة الوطنية والدولية أن تأخذه بعين الاعتبار».

وأضاف، وهو الذي ييعد رمزًا من رموز اليمين في أمريكا اللاتينية بسبب موقفه المتشدد ضد حركة فارك وضد ما يصفه بـ«الكاسترو-تشافيزية»: «هذا الحكم سياسي، بلا دليل، وينتهك القوانين والأخلاق والعدالة».

تعود القضية إلى عام 2012، حين قدم أوريبي بلاغًا ضد سيبيدا لدى المحكمة العليا، متهمًا إياه بـ«التلاعب بالشهود». لكن القاضي رفض الاتهام وأمر بفتح تحقيق ضد أوريبي للاشتباه بمحاولته شراء شهود زور من السجون عبر محاميه دييجو كادينا، ليقدموا إفادات ضد سيبيدا.

قال أوريبي: «لا يوجد دليل واحد يدعم هذا الحكم السياسي الذي يدينني»، مضيفًا أن القاضية تبنت ادعاءً لا أساس له من أن الرئيس السابق أوعز لكادينا بالبحث عن شهود من بين مساجين من الجماعات شبه العسكرية للإدلاء بشهادات ضد سيبيدا.

لكن هذا الحكم قابل للاستئناف، وقد أكدت هيئة الدفاع أنها ستقدمه أمام محكمة بوجوتا العليا في 13 أغسطس، مستفيدة من تمديد المهلة القانونية يومين، بعد أن كانت تنتهي في 11 أغسطس.

وفي ختام تصريحاته، وصف أوريبي نفسه بأنه: «مناضل سياسي، ليس لي من لقب سوى أنني مناضل من أجل الديمقراطية».