في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها شعب غزة المنكوب بوجود حركة حماس على أرضها... وتوجه جميع النداءات لدول العالم كافة من أجل التدخل لإيقاف إسرائيل عن سيل جرائمها هناك في غزة. مع علم الجميع في ظل موازين القوى في المنطقة وارتباطاتها الدولية... أنه لا جدوى من هذه المطالبات، وإن استمرت أشهراً وأخذت أشكالاً عديدة.
فالمراقب لأحداث غزة عايش تلك المناشدات والمطالبات منذ الشهر الأول لوقوعها، حيث خرجت المظاهرات وجيشت المسيرات وقدمت الشكاوى على مستوى جميع المنظمات الإقليمية والقارية والدولية بما فيها المحاكم العليا، وصدرت بعض القرارات والأحكام التي تدين ذلك القتال وتطالب الكيان الصهيوني بإيقاف تلك المجازر في غزة... ولكن دون جدوى، فإسرائيل لا تستمع إلا للغة القوة... والقوة غير متوفرة لدينا كعرب مهما عددنا ما لدينا من جيوش وأسلحة... فالعبرة هنا ليست بالكم إنما بالكيف فالأسلحة الحديثة لا تعترف بمقولة «الكثرة... تغلب الشجاعة» إنما التفوق للحديث والمتطور جداً من هذه الأسلحة... لذلك فميزان القوى في المنطقة يصب في مصلحة إسرائيل بفارق هائل بفضل الدعم الأميركي، وكلنا تأكدنا من ذلك خلال الفترة الماضية... فبالإضافة إلى القتال في غزة كانت تقاتل على ثلاث جبهات أخرى في نفس الوقت (جنوب لبنان - سورية - الحوثيين) بالإضافة للجبهة الإيرانية العريضة بين الفينة والأخرى، وختمتها الشهر الماضي بالضربة المشتركة مع أميركا للمفاعلات النووية الإيرانية الثلاثة.
أما بالنسبة للدول الأوروبية أو أي دول أجنبية أخرى فبالرغم من رفضها لما يدور من قتال في غزة، والتصويت مع قرارات إيقافها... إلا أنهم مازالوا يرون أن هناك حقاً لإسرائيل في الدفاع عن نفسها والمضي في إطلاق سراح أسراها... وهذه حقيقة يجب ألا تغيب عن أذهاننا، ففي يوم السابع من أكتوبر 2023 لم تكن هي البادئة بالقتال إنما كان «طوفان» حماس هو البادئ، والذي أسرت على أثره المئات من الإسرائيليين من جميع الشرائح العمرية ومن كلا الجنسين... والذي كان الشعب الغزاوي وما زال يدفع ثمن فاتورة ذلك الطوفان من دماء أبنائه في كل ساعة ولحظة.
لذلك يجب النظر لكل تلك المعطيات والتعامل معها بعقلانية ومنطق بعيداً عن العاطفة والحماس... هذا إذا كنا صادقين في مناشداتنا للجميع بالعمل لإيقاف الحرب ووقف نزيف الدم الغزاوي وإنقاذ شعبه من الأمراض والأوبئة والمجاعة التي تفتك بأطفالهم.
إذاً لا جدوى من أي مناشدات جديدة... وبدلاً من تحميل الآخرين من دول وقادة عرب وغيرهم تبعات ذلك، فلتبادر حماس كونها شريكاً وطرفاً رئيسياً في هذا القتال الدائر منذ الـ22 شهراً الماضية... إلى الاستسلام وتسليم سلاحها، فهو الحل الوحيد والنهائي والفوري لإيقاف القتال... وحقن دماء شعب غزة من القتل والدمار والتجويع والهلاك.
وما يؤكد مضمونية هذا الحل... أن إسرائيل أعلنت ونتنياهو تحديداً ولأكثر من مرة: «أن استسلام حماس... هو الحل الوحيد لإيقاف القتال نهائياً».
فمن أشعل النار... يطفئها، ومن بدأ الحرب... ينهيها.
أما إذا ما زلنا ننشد الشعارات الرنانة الفارغة والمناقضة للواقع الذي تتحدث عنه المقاومة المسلحة وانتصاراتها وما حققته من إنجازات... فواقع الحال وما تشهده ساحة القتال في غزة خير دليل وإثبات على كذب وافتراء مثل هذه الشعارات... أما شعب غزة فسيظل ينزف دماً وله الله يحفظه فهو خير الحافظين.