هل انتهى «داعش»، وتخلَّصت المنطقة العربية من «وسخه»، الذي لايزال يخرج بين وقتٍ وآخر في عمليات دموية وتحريض طائفي؟
آخر الأخبار ظهرت في البادية السورية عن عمليات قام بها، لكنه يلفظ أنفاسه، بعدما حُوصر، وانكفأ إلى مخابئه، بانتظار ما يُستجد.
دراسة الحالة الدواعشية ليست عبثاً، بل هناك حاجة لهذا النوع من الأبحاث، للوقوف على الدوافع، وكيفية التعامل مع عناصر انخرطت في هذا «الميدان الجهادي» والمتطرِّف.
الدكتور عبدالله بن خالد بن سعود الكبير أصدر بحثاً مُعمَّقاً وشاملاً عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بعنوان «المقاتلون الأجانب في وثائق داعش السرية».
ونادراً ما تُتاح للمرء فرصة الاطلاع على الوثائق الداخلية للجماعات الإرهابية. البحث يقدِّم تحليلاً مُعمَّقاً لوثائق مُسرَّبة عن 759 من المقاتلين القادمين من السعودية، وهؤلاء يمثلون «جيلاً من الجهاديين» جاؤوا من مختلف المناطق، وأكثرهم من القصيم، ولا يملكون علوماً شرعية مُعتبرة، ولم تكن مستوياتهم التعليمية محدودة.
يحدِّد الباحث ثلاثة مخاطر عانتها المملكة والمنطقة الخليجية يعزو السبب إليها في الانخراط - تصاعد موجة الطائفية والتطرُّف- وتنامي الاضطرابات السياسية، وحالة عدم الاستقرار.
الوثائق السرية والمسرَّبة حصل عليها من جامعة كينغز كوليدج بلندن، بصفته باحثاً زائراً.
تحليل الوثائق سوف يُسهم في فهم أفضل لنماذج المجندين الذين استقبلهم التنظيم من كُل بلدٍ أو منطقةٍ بعينها.
وثائق الدراسة هي الأضخم حجماً مما سبقها، والخاصة بمقاتلي «داعش» من السعوديين. عمل تنظيم داعش على استغلال التصدُّعات الناتجة عن التعصُّب الطائفي في المجتمعات، وقام بنسج روايته هو، وطرح رؤيته، وإسقاطها على سياقات تاريخية واجتماعية لكُل بلدٍ على حِدة، لذلك يدعو الباحث إلى معرفة تلك الظروف المُصاحبة، حتى نكون قادرين على ابتكار حلولٍ لمواجهة تلك المخاطر.
قد تخرج علينا تنظيمات أخرى تحمل أسماء جديدة غير «داعش»، وفي بيئات خصبة، طالما بقيت القبيلة والمذهب أهم من الدول وأكبر منها، وكان الانتماء لها على حساب الانتماء للهوية الوطنية.
ما يحصل في سورية من انقسامات عِرقية ودينية وقبلية ظهرت بأبشع صورها، درس علينا أن نتعلَّم منه، بأنه لا خلاص لنا إلا بالانتماء للدولة، وتحت سقف القانون والمواطنة لكُل مَنْ ينتمي لهذا البلد أو ذاك.