أعدمت السلطات الإيرانية رجلين شاركا في الاحتجاجات المناهضة للنظام والمتواصلة منذ منتصف سبتمبر الماضي، بعد إدانتهما بقتل أحد أعضاء القوة شبه العسكرية في البلاد أو ما يُعرف ب «الباسيج».

وقالت السلطات القضائية، في بيان، أمس، إن «محمد مهدي كرامي وسيد محمد حسيني المتهمين الرئيسيين في الجريمة، التي أدت إلى استشهاد روح الله عجميان جرى إعدامهما صباح اليوم». وحُكم على ثلاثة آخرين بالإعدام في القضية نفسها، بينما صدرت أحكام بالسجن على 11 آخرين.

Ad

وذكرت منظمة العفو الدولية أن المحكمة التي أدانت كرامي، بطل الكاراتيه البالغ من العمر 22 عاما، اعتمدت على اعترافات انتزعت قسراً.

كما كتب علي شريف زاده أردكاني محامي حسيني في تغريدة عبر «تويتر»، بتاريخ 18 ديسمبر الماضي، أن موكله تعرض لتعذيب شديد وأن الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب غير قانونية. ورداً على إعدام كرامي، وحسيني، حذرت «حملة حقوق الإنسان» في إيران من أن «التأخير في الرد الفوري والحاسم للمجتمع الدولي يعني استمرار عمليات القتل على يد النظام الإيراني». وبذلك يرتفع العدد إلى أربعة متظاهرين أعلنت السلطات إعدامهم منذ بدء الاحتجاجات.

اغتيال صلواتي

في غضون ذلك، عادت أوساط معارضة لتأكيد أنباء سرت الأربعاء الماضي عن اغتيال القاضي أبو القاسم صلواتي، المعروف ب «قاضي الموت»، لأن معظم أحكامه على المتهمين كانت تنتهي بالإعدام. وحسب المعلومات التي نشرتها المعارضة فإن صلواتي أصيب ب 5 رصاصات في حديقة منزل زوجته الثانية بمنطقة شريعتي شمال طهران. وتفيد المعارضة بأن السلطات فرضت طوقاً أمنياً حول المنزل الذي أقيم به مجلس عزاء عائلي. وجاء ذلك رغم نفي رئيس وكالة أنباء السلطة القضائية أنباء اغتيال صلواتي وقوله إنه أجرى مكالمة هاتفية معه. لكن مصدر مطلع في «المحكمة الثورية» كشف ل «الجريدة» أن زوجة صلواتي اعتذرت، نيابة عنه، عن عدم حضوره ل»المحكمة الثورية» أمس بسبب إصابته بالزكام وقالت إنه لن يحضر لعدة أيام وطلب تأجيل جلسات القضايا الموكلة له.

تعيين وتوبيخ

في هذه الأثناء، عيَّنَ المرشد الإيراني على خامنئي، القيادي العسكري المتشدد العميد أحمد رضا رادان، قائداً عاماً جديداً للشرطة خلفاً للعميد حسين اشتري الذي ترددت أنباء عن تعرضه للتوبيخ من قبل رأس سلطة النظام بسبب «ضعف تعامله مع الاحتجاجات» التي هزت أركان الجمهورية الإسلامية.

وحث خامنئي القائد الجديد اللواء رضا رادان على «ضرورة إرضاء الإيرانيين في حفظ الأمن وتوفير الاستقرار»، معتبراً أن «تحسين قدرات قوات الشرطة وحماية كرامة الموظفين وتدريب الشرطة المتخصصة لمختلف الإدارات الأمنية هي توصية مهمة أخرى». وطالب خامنئي مختلف المؤسسات الحكومية بضرورة التعاون مع هيئات إنفاذ القانون في البلاد.

وجاءت الخطوة التي كشفتها «الجريدة»، بعددها الصادر أمس الأول، فيما أكدت أوساط إيرانية عدة أن خامنئي قد اتخذ قراره بإنهاء الاحتجاجات المستمرة منذ ثلاثة أشهر مهما تطلب الأمر. وفرضت وزارة الخزانة الأميركية والاتحاد الأوروبي عقوبات على رادان في 2010، بسبب الانتهاكات الحادة لحقوق الإنسان خلال قمع احتجاجات عام 2009 بعد اتهام النظام بتزوير نتائج الانتخابات لصالح الرئيس الأسبق أحمدي نجاد.

من جانب آخر، لوح حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة «كيهان» التابعة لمكتب المرشد الإيراني، بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي الرابط بين الخليج وبحر العرب، رداً على «رسوم الكاريكاتير» الساخر من خامنئي الذي نشرته مجلة «شارلي إبدو» الفرنسية أخيراً دعماً للإيرانيات بمواجهة قمع السلطات.

تعذيب وترهيب

في غضون ذلك، شدد زعيم السنة بإقليم بلوشستان سيستان مولوي عبدالحميد زهي على أنه «ليس من الإسلام انتزاع الاعترافات بالقوة»، الأمر الذي تتهم سلطات طهران بأنها تمارسه ضد المحتجين لإدانتهم. وجاء في موقع الشيخ على الإنترنت أنه قال في خطبة صلاة الجمعة بالمحافظة الإيرانية المضطربة: «إذا لم يقبل أحد الاتهام، فإنهم يعذبونه حتى يقبله. لا مكان للاعترافات بالإكراه وضرب المتهمين في الشريعة ودستور بلادنا».

وندد الصوت السني المعارض بالاعتقالات الجماعية في زاهدان بعد أن ذكرت وسائل إعلام رسمية أن قوات الأمن اعتقلت أكثر من 100 «بلطجي ولص مسلح» هناك في الأيام القليلة الماضية. وبعد الخطبة، خرج محتجون في مسيرة في زاهدان ورددوا خلالها «الموت للجمهورية الإسلامية».

في المقابل، هاجمت الصحف الأصولية زعيم أهل السنة، ونقلت تصريحات محمد جواد لاريجاني، المستشار الدولي السابق للمرشد علي خامنئي الذي اتهم مولوي بتنفيذ سياسات الأعداء. وكتبت صحيفة «سياست روز» في صفحتها الأولى حول الموضوع، وعنونت بالقول: «المسجد المكي في زاهدان هو مصداق لمسجد ضرار في صدر الإسلام». وكتبت صحيفة «جوان»: «عبدالحميد ينفذ خطط الأعداء في مسجد ضرار».

وفي وقت تسعى السلطات لبث الخوف في نفوس المعارضين، ذكرت زوجة مهدي بيك وهو رئيس قسم السياسة في صحيفة «اعتماد» المعتدلة أن أفراداً من الأمن اعتقلوا زوجها الخميس الماضي بعد أن قام بإجراء مقابلات مع عائلات العديد من المعتقلين في المظاهرات. وقالت لجنة حماية الصحافيين ومقرها الولايات المتحدة إنها رصدت حتى الخامس من يناير الجاري أسماء 84 صحافياً اعتقلوا في إيران في غمرة الاحتجاجات وأن 36 منهم أفرج عنهم بكفالة.

على صعيد قريب، أعلن مدير تطبيق «واتساب»، للتواصل الاجتماعي، ويل كاثكارت إضافة خدمة جديدة تسمح باستخدام التطبيق في البلدان التي تحجبه مثل إيران. إلى ذلك، قتل شخص وأصيب اثنان في حادث إطلاق نار، لم تعرف دوافعه، بشركة النفط والغاز بمدينة كجساران جنوب غربي إيران أمس.