يهدف هذا المقال إلى استعراض الحل لقضية غير محددي الجنسية (البدون)، فهذه الظاهرة ليست في مصلحة المجتمع، حيث إن وجود فئة في المجتمع تفتقر إلى الهوية والانتماء يؤثر على أدائها وعطائها ومساهمتها في دفع مسيرة التنمية.
ونتيجة لصعوبة حصول هذه الفئة على فرص عمل، إلا بصعوبة كبيرة، تزداد نسبة غير الحاصلين على وظائف بينهم، مما يؤثر على وضعهم المادي والاجتماعي. وعدم الحصول على عملٍ مستقر ودخل يفي بالاحتياجات المعيشية له آثار متعددة عليهم وعلى المجتمع، لذلك إذا تعذَّر تطبيع أوضاعهم من خلال التجنيس، فلا بُد من إيجاد تصنيف يمنحهم الاستقرار والحياة الكريمة التي يجب أن يتمتع بها كل فرد في المجتمع. ويمكن أن يكون ذلك من خلال خيار الإقامة الدائمة وجواز سفر مناسب، مع منحهم أفضلية في التوظيف، وبعض المميزات التي لا ترتبط بالجنسية الكويتية، وهذا النظام متَّبع في بعض الدول.
من مصلحة المجتمع واستقراره أن يكون جميع الأفراد المقيمين فيه مستقرين مادياً واجتماعياً. لذلك، إذا كان هنالك توجُّه لحل قضية غير محددي الجنسية نهائياً، فيجب أن يكون معيار تحقيق الاستقرار المادي والاجتماعي أحد المعايير المهمة في اختيار الحل المناسب.
كما يجب أن يُوضع موقف الكويت بالمحافل الدولية في الاعتبار، لأن هذا الموضوع لا بُد أن يُثار ضمن اجتماعات المنظمات الدولية التي تنتمي الكويت إلى عضويتها، خصوصاً المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان.
إن إيجاد الحل المناسب لفئة غير محددي الجنسية يدعم سجل الكويت في مجال حقوق الإنسان، ويرفع عنها الحرج خلال اجتماعات المنظمات الدولية. وحيث إن غير محددي الجنسية غالباً سوف يستمرون في الاستقرار على أرض الكويت، فإن إيجاد الحل المناسب لوضعهم في الكويت يعزز من مكانتها دولياً، فضلاً عن أن هذا الحل يدعم النسيج الاجتماعي، بأن تشعر كل الفئات التي تعيش على أرض الكويت بالاستقرار والأمن الاجتماعي، ولا يضير الكويت تعدُّد الأعراق فيها، فهذا الأمر أصبح مقبولاً في الكثير من دول العالم، ففي الاتحاد الأوروبي تبلغ نسبة المهاجرين الجُدد والمتجنسين حوالي 14 في المئة من عدد سكان دول الاتحاد، فيما تبلغ نسبة المهاجرين الجُدد والمتجنسين حوالي 8 في المئة من عدد السكان بأميركا الشمالية، وتتفاوت النسب في دول أخرى، وهذه أمثلة على التنوُّع العرقي في دول العالم.
إن منح الإقامة الدائمة لغير محددي الجنسية مع جواز سفر، علاوة على أنه يعزز الوضع الأمني، لا يحمِّل الدولة أعباء إضافية مقارنة بالوضع الحالي. أما بالنسبة للتجنيس، فيخضع لسياسة الدولة، ويُنظر فيه لاحقاً، وبالله التوفيق.