منذ أن بدأ مونديال كأس العالم ونحن في الكويت نراقب ما يجري في قطر بإعجاب شديد واحترام كبير. عبّرنا كلنا عن إعجابنا كبارنا وصغارنا بطرق مختلفة إلى حد وصلت به مشاعرنا الفياضة لكل فرد في قطر، من الأمير تميم إلى أصغر طفل فيها.

نحن الكويتيين لا نخفي شيئاً، نقول ما نشعر به بعفوية وتلقائية ووضوح، لأننا مؤمنون بأن الرأي الصريح هو حقنا وهو ما جُبلنا عليه.

Ad

ما نقوله ونردده حول قطر لا يتعلق بتفوّقها في تنظيم المونديال فحسب، وإنما في تجسيد الحلم العربي وإعادة الثقة إلى نفس كل عربي.

كثيرة هي الإنجازات والمعاني التي قدّمتها قطر، وما نشعر به يتجاوز الإعجاب والتقدير والاحترام، إنه يحمل في طياته غبطة وأي غبطة، إنها فرحة كبيرة مصحوبة بتمنٍّ عميق بأن تكون لنا في الكويت عودة لدورنا الريادي أو على الأقل لتجد الكويت لها موقعاً وتلحق بالأشقاء في الخليج العربي.

تعلمت وعلّمت طوال مسيرتي المهنية أن أركز على دائرة التأثير الخاصة بي. تلك التي لي عليها قدرة وتأثير بدءاً بنفسي، وألا أصارع خارج دائرة تأثيري.

وفي يوم ما منذ عشرين عاماً، وضمن دائرة التأثير الخاصة بي تكونت «لوياك».

عملت وصديقاتي وشركاؤنا وبناتنا وأبناؤنا في مجال التنمية البشرية من خلال «لوياك» لأكثر من عشرين عاماً فكبرت وكبرنا معها.

واجهنا الكثير من التحديات، لكننا صمدنا، بل وحولناها إلى فرص مكنتنا لنمكّن من خلالها الآلاف من الشباب في الكويت والوطن العربي.

لم نشعر يوماً بالعجز بل كنا نزرع الأمل في أحلك الظروف.

أما اليوم، وبعد مرور العشرين لا بدّ أن أعترف بأننا وإن صمدنا طوال هذه السنوات فإننا حتماً لم نكن نفعل ذلك ونحن مرتاحين، وإنما كنا نعاني ما نعاني أملاً في أن يكون لجهودنا أثر أكثر وضوحاً على مستوى التنمية الكلية.

إن سلّمنا بأن الجهود المبذولة لمؤسسة لوياك كانت واضحة، ومشهوداً لها، وأن نتائجها على الشباب كانت ملموسة من خلال المبادرات المجتمعية الكثيرة التي انتشرت بسبب التراكم المعرفي الذي ساهمت به «لوياك» إلى حد بعيد، وأن دائرة تأثيرنا كبرت وامتدت، إلّا أن الحصاد النهائي مازال لا يرقى إلى مستوى الطموحات.

أي طموحات تلك التي نتحدث عنها؟ هل هي طموحات مشروعة ومعقولة؟

نعم إنها طموحات مستمدة من طموحات كل مواطن كويتي ترددت كثيراً في البيوت وفي الدواوين والندوات وفي الإعلام. طموحات لا تتجاوز القضاء على الفساد وإصلاح منظومة التعليم واهتمام أكبر بالثقافة والفنون واقتصاد نوعي متوازن لا يستحوذ وينفرد، وإنما تنمية اقتصادية شاملة متكاملة تجمع القطاع الخاص والحكومي والمدني، ويضمن للأجيال القادمة حياة كريمة، ويسمح لصغار المبادرين بالنمو. وبنية تحتية تواكب متطلبات العصر وتوازي ما نشهده في دول الجوار.

بيئة نظيفة تراعي المعايير الدولية لسلامة البيئة والإنسان. ورعاية صحية متقدمة. وأخيراً تعزيز وحماية الحريات الفكرية والإبداعية.

هل هذا كثير على الكويت؟ الكويت التي كانت منارة وملاذاً للفنانين والأدباء والمفكرين والإعلاميين العرب؟ هل هذا كثير على عروس الخليج؟ على الدانة؟ الكويت التي كانت عنواناً للريادة والمبادرة في كل منحى من مناحي الحياة بين الدول العربية كلها حتى الثمانينيات؟

بالطبع لا. ليس كثيراً عليها.

كل ما ذكرناه طموحات مشروعة، وكلها يمكن تنفيذها وبيسر، وكلها موجودة ويتمتع بها أشقاؤنا في الخليج.

هي ليست مستحيلة لكن كل هدر في الوقت والمال العام سيجعل طموحاتنا تبدو وكأنها هذيان وحلم بعيد المنال.

لقد كنّا في زمن ما ليس ببعيد مغبوطين على ما نحن عليه، وأصبحنا اليوم غابطين لأخوتنا في المنطقة.

إن المناشدة التي نرفعها اليوم إن كانت مكتوبة أو شفهية، فهي تعني أننا ما زلنا قادرين على الحلم، وأن الأمل مازال يشعل قلوبنا.

إننا نعيش اليوم حالة تمَنٍّ مشفوعة برجاء للقيادة الحكيمة بألّا نتأخر أكثر، وأن نلحق بأشقائنا في دول الجوار، قبل أن تصبح المسافات شاسعة بيننا، وقبل أن يخسر الوطن أفضل كفاءاته من الشباب بالهجرة. ويسجل التاريخ تأخُّر الكويت وتقهقرها عن الرّكْب منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى إشعار آخر!