في زيارتي الأخيرة للبنان قررت أن أبتعد قليلاً عن كل ما يقال في الأخبار، وأن أرى الأمور بعيني لا من خلال الشاشات، مشيت في شارع الحمرا كأي زائر عادي، نظرت إلى الوجوه، جلست في أحد المقاهي، ولاحظت شيئاً واحداً، الناس هناك ما زالوا يتمسكون بالحياة، رغم الظروف الصعبة! فهناك من يقرأ كتاباً على الرصيف، وآخر يشرب قهوته ويحادث صديقه، والحركة في الشوارع لا تتوقف.
زرت بعض الأماكن السياحية، لم أكن أبحث عن منظر جميل بقدر ما كنت أبحث عن صورة صادقة، رأيت أماكن تحتاج إلى ترميم، وأخرى ما زالت تحتفظ بجمالها، لكن الأهم أن روح المدينة ما زالت موجودة حاضرة تشبه أهلها الذين اعتادوا مواجهة الأزمات بصمت وقوة، وأثناء تجولي في شارع الحمرا دخلت مكتبة بيسان الشهيرة جداً، بتوصية من الأخ أ. حمزة عليان، ووجدت كنوزاً من الكتب.
ما يميز هذا البلد، الذي لا تتعدى مساحته عشرة آلاف، هو أن أهله لا ينتظرون المعجزات، بل يكملون يومهم كما هو، ويحاولون أن يصنعوا فرقاً صغيراً في تفاصيل حياتهم رغم كل الصعوبات.
ختاماً، عدت إلى بلدي وأنا أحمل مشاهد لا تلتقط بالكاميرا، بل تبقى في الذاكرة. لبنان بخير وحيوية، ولكن يحتاج إلى الدعم المعنوي من كل الوطن العربي، لنرى سويسرا الشرق كما كانت بجمالها الحقيقي. أنا على يقين بأن بيروت حتماً ستعود.