تتدفق أنوار المعرفة عبر قاعات متحف المركبات الملكية في حي بولاق بالقاهرة، حيث تفتح المكتبة الموجودة بداخله أبوابها كصرح ثقافي يختزل عبق الماضي، ويفتح نافذة على المستقبل، كمركز إشعاع حضاري.
في هذا المكان مخطوطات نادرة وكنوز فكرية، ويتحوَّل الحبر والأوراق إلى جسور تربط الأجيال، بما يؤكد أن المتاحف ليست مجرَّد حاضنات للآثار، بل منارات تُضيء دروب الباحثين والزائرين من عشاق القراءة والاطلاع.
وأعلنت وزارة السياحة والآثار، وبرعاية المجلس الأعلى للآثار، افتتاح مكتبة متحف المركبات الملكية، التي تضم نحو 5000 كتاب، تُغطي حقولاً معرفية متنوعة، من التاريخ إلى الفنون، مروراً بالعلوم التخصصية.
في هذا الإطار، يؤكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، محمد إسماعيل خالد، أن هذه الخطوة تُعزز دور المتاحف كمراكز للبحث والتعلم، وتجسِّد رؤية المؤسسة كصرح علمي يخدم التراث والإنسانية.
وتحتضن المكتبة إرثين ثقافيين استثنائيين: مكتبة د. نادية لقمة، الرائدة في علوم الترميم، ومكتبة النبيلة نجلاء خيري، حفيدة الخديوي إسماعيل، التي تضم مقتنيات نادرة من صور وأثاث، إلى جانب كُتب تروي حكايات العائلة العلوية. كما تبرز بين الرفوف أعمال نادرة، مثل: «تاريخ الجبرتي» (1213هـ)، ووثائق «أعمال المنافع العامة» من عهد محمد علي، إلى جانب كُتب بلغة برايل للمكفوفين، وكُتب في الاقتصاد والفلسفة والأدب، وحتى قصص للأطفال.
ويرى رئيس قطاع المتاحف بوزارة الثقافة المصرية، مؤمن عثمان، أن إحياء المكتبات داخل المتاحف استراتيجية يواكب التطوير الشامل للخدمات المتحفية، ويقول: «المكتبات كانت عماد المتاحف قديماً، ونُعيدها اليوم لتروي حكايات جديدة»، مؤكداً أهمية ربط المقتنيات بهوية المتحف، كما في حالة مكتبة نجلاء خيري.
كنوز فرنسية
من جانبها، تشير د. نادية لقمة إلى نُدرة الكُتب المتخصصة في الترميم، معربة عن فخرها بطريقة عرض مجموعتها بطريقة تسهِّل الوصول للمعرفة.
أما مسؤولة شؤون المكتبات، إسراء عبدالجواد، فتكشف عن كنوز المكتبة الفرنسية، من روايات إلى كُتب فنون، ومصاحف متعددة اللغات، لافتة إلى التعاون مع ذوي الهمم لإثراء المكتبة بكتب برايل، كما تُعلن مشروع قاعدة بيانات إلكترونية لتوثيق المحتوى، مع رموز تعريفية تخلد ذكرى الأسرة العلوية.
مراكز معرفية
فيما يقول مدير المتحف، أمين محمود الكحكي، إن المكتبة «ليست إضافة مادية فحسب، بل هي جسر يربط الزائر بجذوره»، مؤكداً أن هذا المشروع يندرج ضمن تحويل المتاحف إلى مراكز معرفة حيَّة، تروي التاريخ بلغة العصر.
ويُعد متحف المركبات الملكية ببولاق تحفةً فريدةً تروي تاريخ مصر العريق، من خلال عربات الملوك والأمراء التي تجسِّد فخامة العصر الملكي.
ويقع المتحف في مبنى تاريخي شُيِّد في عهد الخديوي إسماعيل، ويضم مجموعة نادرة من المركبات التي استُخدمت في المناسبات الرسمية والاحتفالات منذ القرن الـ 19، بما في ذلك عربات التاج الملكي، والعربات المذهبة المزخرفة بأناقة.