نعم... مفاوضات على ماذا؟ وهل بقي في غزة ما يتفاوضون عليه؟ هل يتفاوضون ليصلوا إلى اتفاق؟ ولكن اتفاق على ماذا؟ هل بعد «خراب البصرة» بقي ما يتفقون عليه؟ أم هم في انتظار اكتفاء نتنياهو بما يحققه، وعندها يتم التوصل إلى اتفاق يخرجون به من غزة رافعين علامات نصر إلهي آخر، حاملين معهم ما خفّ حمله وغلا ثمنه، وهم في كامل قيافتهم؟ تاركين وراءهم غزة محتلة مدمرة، وعشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من الجياع المشردين؟ ما جرى ويجري في غزة جريمة إنسانية نكراء، ما يجري في غزة ليس بمعركة بين طرفين متكافئين، إنها مجزرة ومذبحة يقوم بها طرف متوحش بلا ضمير وبلا أخلاق وبلا إنسانية، إنه لم يقم بفعلته هذه من دون ذريعة، الذريعة قُدمت له على طبق من ذهب بتاريخ 7/ 10/ 2023، إنه تاريخ أسود كشف عن الوجه القبيح لمن يتفرد بسلطة انتزعها قسراً من الشرعية الفلسطينية، ذريعة تلقّفها الصهاينة ولا يزالون يتذرعون بها في جرائمهم بسبب ذلك العناد القاتل للشعب الفلسطيني. جريمة أضاعوا بسببها حل الدولتين واتفاقاً كان جاهزاً لرفع الظلم عن الفلسطينيين بموافقة أميركية - عربية، وبتمنُّع إسرائيلي لا تخطئه العين، فلم يكن من مصلحتها حل الدولتين وهي في ذهنها فرض خطط تغيّر بها وجه الشرق الأوسط، فنتنياهو أعلن عنها على الملأ، وهو يقوم بتغييره الآن على أرض الواقع.
والله إن قلوبنا - نحن العرب - لتتقطع من فرط الحزن على ما يجري في غزة، إنها مأساة إنسانية مؤلمة ونحن نرى الغزيين يكافحون من أجل شربة ماء أو لقمة يسدون بها جوعهم وجوع أطفالهم، إنها جريمة العصر، إنها أبشع مما يدّعيه الصهاينة من جرائم هتلر ضدهم. الصهاينة أعداء للعرب لا يهمهم ما يفعلونه في الفلسطينيين، ولكن ماذا عن قادة «حماس»؟ ألا يرون ما فعل ويفعل عنادهم بأبناء جلدتهم؟ ألم يروا أطفال غزة وهم يبحثون في القمامة عما يسدون به جوعهم؟ أم هم من كوكب آخر لا يمُتّ لفلسطين بشيء؟ أم لأن الجوع والقصف والدمار لم يمسهم، ولهذا فليذهب الغزيون إلى الجحيم؟
هناك سؤال دار في خلد الكثيرين، فإسرائيل عرفت بمكان اختباء حسن نصرالله فاغتالته وهو على عمق عشرات الأمتار تحت الأرض، واغتالت عملاء إيرانيين وقادة ميليشيات وهم في شققهم في بيروت ودمشق، واغتالت إسماعيل هنية وهو في قلب طهران على بعد ألفي كيلومتر تقريباً، واغتالت قادة لـ «حماس» وهم مختبئون في أنفاق غزة، ومنهم السنوار، واغتالت أخيراً علماء وقادة إيرانيين وهم في أماكن متعددة من إيران، فهل يُعقل أنها لم تعلم حتى الآن أماكن أسراها عند «حماس»؟ وهي تحتل 70% من غزة؟ هل سيكشف عن أماكنهم عندما تنتهي المهمة التي بدأت في السابع من أكتوبر، أم أنه ليس هناك أساساً أي أسرى؟ إنها مؤامرة حُبِكت بإتقان، علم بها أم لم يعلم من أعطى الذريعة لها.