بالتزامن مع حديث أميركي عن تقدم في مفاوضات التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة بين طرفي حرب غزة، زار مدير جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» ديفيد برنياع واشنطن، سعياً للحصول على مساعدة الولايات المتحدة في إقناع بعض الدول بإخراج مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة.
وذكرت صحيفة «معاريف» العبرية أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لم يقدم أي التزام، حينما طرح عليه برنياع تطورات النسخة الجديدة من خطة تهجير الغزيين بالتواصل مع ليبيا وإثيوبيا وإندونيسيا بهذا الخصوص أمس.
وقال برنياع، خلال لقائه ويتكوف، إن «إسرائيل تجري محادثات تحديداً مع إثيوبيا وإندونيسيا وليبيا لاستقبال الغزيين».
وبينما نقل موقع «أكسيوس» الأميركي، أمس، عن مصدرين تأكيدهما للضغوط الإسرائيلية الرامية للحصول على دعم واشنطن لإعادة الحياة لمخطط التهجير الذي تراجع بعد إعلان مصر والأردن رفضهما له بشدة، أكدت الصحيفة العبرية أنه لم يتضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدرس بجدية التدخل في هذه القضية أم لا.
وفي حين طرح رئيس «الموساد» خلال المناقشات بواشنطن فكرة أن تقدم الولايات المتحدة حوافز اقتصادية وسياسية لهذه الدول مقابل موافقاتها على استقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين، حذر السيناتور الأميركي فان هولين من التورط في المخطط الإسرائيلي.
وقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين إن طلب «الموساد» المساعدة في تهجير فلسطينيين من غزة «شنيع ومثير للاشمئزاز»، مؤكداً أنه لا ينبغي للولايات المتحدة التواطؤ فيما يرقى للتطهير العرقي للفلسطينيين من غزة.
وبحسب تصريحات مصادر إسرائيلية، أبدت عدة دول استعدادها لاستقبال سكان القطاع الفلسطيني الراغبين في المغادرة على أراضيها، لكن النقاش الرئيسي حالياً يدور حول قضايا التمويل والتعويضات التي تسعى الدول للحصول عليها في إطار تنفيذ برنامج «الهجرة الطوعية». وتُعد إسرائيل والولايات المتحدة شريكتين في الجهد الذي يُجرى بالتنسيق والتعاون.
وفي فبراير، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إجلاء جميع الفلسطينيين، البالغ عددهم مليوني نسمة، من غزة لإعادة بناء القطاع، لكن البيت الأبيض تراجع عن هذه الفكرة بعد أن واجه معارضة شديدة من الدول العربية.
صفقة قريبة
في تطور مواز، صرح الرئيس الأميركي بأنه سيتم إطلاق سراح 10 رهائن آخرين من غزة قريباً، مشيداً بجهود مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف الذي يرعى بالشراكة مع قطر مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل و«حماس» تستضيفها الدوحة منذ السادس من يوليو الجاري.
وقال ترامب: «استعدنا معظم الرهائن. سنستعيد عشرة رهائن آخرين قريباً جداً، ونأمل أن ننتهي من ذلك بسرعة».
وأمس، أفادت «يديعوت أحرونوت» بأن إسرائيل تدرس إرسال وفد رفيع المستوى إلى الدوحة بهدف تسريع المحادثات، التي تشارك بها عبر وفد فني، شريطة موافقة «حماس» على مناقشة «مسألة مفاتيح» تبادل الأسرى الفلسطينيين مقابل المحتجزين الإسرائيليين ضمن اتفاق يشتمل على هدنة مؤقتة لمدة 60 يوماً.
حراك واستنزاف
في المقابل، دعت «حماس»، إلى المشاركة في «يوم غضب عالميّ اليوم الأحد لإنقاذ غزة من الموت قصفاً وجوعاً «وسط صمت دولي مخز ومريب».
وفي وقت سابق، أكدت «حماس» جاهزيتها التامة لمواصلة معركة استنزاف طويلة الأمد ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشددة على أن هذه الاستراتيجية ستستمر «مهما كان شكل عدوانه وخططه».
وحذر الناطق باسم «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، أبوعبيدة من أنه إذا اختارت حكومة الاحتلال «الإرهابية» استمرار «حرب الإبادة»، فإنها «تقرر استمرار استقبال جنائز الجنود والضباط».
وأشارت الحركة إلى الدعم المتواصل الذي تتلقاه إسرائيل من «أقوى القوى الظالمة في العالم» بقوافل السلاح والذخيرة، متهماً حكومة «مجرم الحرب بنيامين نتنياهو ووزراءه برفض صفقة شاملة لإطلاق سراح جميع المحتجزين دفعة واحدة مقابل وقف الحرب».
انتخابات فلسطينية
وفي وقت تسعى السلطة الفلسطينية إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي استعداداً لمرحلة ما بعد الحرب، أصدر الرئيس محمود عباس، قراراً يقضي بإجراء انتخابات لمجلس وطني فلسطيني جديد، قبل نهاية العام الحالي 2025.
وبحسب القرار الصادر عن اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، «سيتكون المجلس الوطني الجديد من 350 عضواً، يُمثل ثلثاهم أبناء الشعب الفلسطيني داخل الوطن، في حين يمثل الثلث الباقي فلسطينيي الخارج والشتات».
ونص القرار على أنه «من شروط العضوية الالتزام الكامل ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وبكل التزاماتها الدولية، إضافة إلى قرارات الشرعية الدولية» في إشارة على ما يبدو إلى قبول الاعتراف بالاتفاقات المبرمة بين السلطة وإسرائيل.
مجاعة وقصف
ميدانياً، دقّت وزارة الصحة الفلسطينية ناقوس الخطر، مُجددة تحذيرها من تداعيات المجاعة الكارثية التي تضرب القطاع المحاصر نتيجة الإغلاق الإسرائيلي المشدد للمعابر منذ مطلع مارس الماضي.
وأكدت الوزارة التي تديرها «حماس» تسجيل ارتفاع ملحوظ في معدلات الوفيات الناجمة عن الجوع، فيما أفادت مصادر في مستشفيات القطاع باستشهاد 70 فلسطينياً بنيران الاحتلال بينهم 36 من طالبي المساعدات خلال الـ24 ساعة الماضية.
من جهته، أعلن جيش الاحتلال شن 90 غارة جوية على أنحاء القطاع. وبينما تواصل فرق إسرائيلية هجماتها البرية داخل غزة، أفادت تقارير عبرية بوقوع «حدث أمني صعب» في خان يونس، استدعى نقل جنود إسرائيليين مصابين بحالات خطيرة عبر المروحيات إلى مستشفى سروكا.
في غضون ذلك، تسبب صاروخي بالستي أطلقته «أنصار الله» الحوثية من اليمن في إغلاق مطار بن غوريون بتل أبيب مؤقتاً في حادث هو الثاني خلال 48 ساعة.