ضمن فعاليات جمعية الكشافة الكويتية في منطقة حولي، قدَّم الباحث في التراث فؤاد المقهوي محاضرة توثيقية بعنوان «التعليم قديماً في الكويت»، بحضور نائب رئيس الجمعية حسين المقصيد، وأدارها عضو الجمعية محمد الكندري، وسط حضور من المهتمين بالشأنين الثقافي والتاريخي.
استعرض المقهوي في محاضرته المراحل الأساسية لتطوُّر التعليم في الكويت، موضحاً أن البداية كانت بسيطة، اعتمدت على المُلا والمطوعة في تحفيظ القرآن وتعليم الكتابة، قبل أن تظهر المدارس النظامية، وأبرز محطاتها تأسيس المدرسة المباركية عام 1911، والتي شكَّلت تحوُّلاً مهماً في التعليم، تلاها افتتاح المدرسة الأحمدية عام 1921.
وأشار إلى أن تجار الكويت لعبوا دوراً محورياً في دعم العملية التعليمية، حيث دعموا إنشاء المدرسة المباركية بالتبرُّعات، وتم تشكيل لجنة خاصة لتسلُّمها من التجار والمواطنين، مما يؤكد أن التعليم في بداياته اعتمد على الجهود المجتمعية والأهلية قبل أن يتحوَّل إلى نظام مؤسسي.
وتحدَّث المقهوي عن دور الشيخ يوسف بن عيسى القناعي والشيخ عبدالعزيز الرشيد في تطوير مناهج المدرسة المباركية، حيث طالبا بإدخال مواد حديثة، كاللغة الإنكليزية والرياضيات والجغرافيا والتاريخ. وتوجَّها بهذا الطلب إلى الشيخ أحمد الجابر الصباح، واقترحا عليه تأسيس مدرسة جديدة تُعنى بالتعليم المتطور، وهو ما لاقى ترحيباً ودعماً منه، ليتم تأسيس المدرسة الأحمدية تيمناً باسمه، وبدعمٍ مالي مباشر منه. وفي 1936، أُسس مجلس إدارة المعارف، برئاسة الشيخ عبدالله الجابر، وافتُتحت أول مدرسة للبنات باسم «مدرسة الوسطى»، والتي استقبلت في بدايتها أكثر من ثلاثين طالبة، مما عكس رغبة مجتمعية صادقة في دعم تعليم الفتيات.
دلالات ثقافية
ولفت إلى أن الكويت استعانت بمعلمين من فلسطين لسد النقص في الكوادر التدريسية، خصوصاً بالمدرسة المباركية، ومع تزايد الحاجة بعد الحرب العالمية الثانية، أُرسل وفد رسمي إلى مصر لطلب معلمين مؤهلين لدعم التعليم.
وأشار إلى أن ظهور النفط أسهم في نقلة تعليمية كبيرة خلال عهد الشيخ أحمد الجابر، حيث توسَّعت الدولة في تأسيس المدارس، مما ساعد في بناء جيلٍ متعلم يواكب تطورات العصر.
من جانب آخر، تطرَّق المقهوي إلى بعض المفردات القديمة المُستخدمة في اللهجة الكويتية، والتي كانت شائعة وتحمل دلالات ثقافية تعكس بساطة الحياة في الماضي وأسلوب التواصل بين الناس. وذكر أن توثيق هذه المصطلحات يُسهم في الحفاظ على الذاكرة الشعبية والهوية اللغوية، ويمنح الجيل الجديد فرصة للتعرُّف على مفردات قد لا تكون مألوفة اليوم.
وأكد أن مسيرة التعليم في الكويت قامت على تضافر جهود الحُكام والتجار والمجتمع، وأن توثيق هذه المراحل مسؤولية وطنية تحفظ ذاكرة التعليم، وتُلهم الأجيال الجديدة.