في زمن الكابتشينو وشواحن الهواتف والسيارات، يرفع تمام بن حاتم رأسه، يتلفت ذات اليمين وذات الشمال، فلا يرى إلا أجساداً أنهكها الركض، تبحث عن قهوةٍ لا توقظ الروح، بل تسكّن القلق مؤقتاً.
في يده جهاز ذكي، شُحن آلاف المرات حتى تعب من الشحن، ومع ذلك، لا يزال صاحبه يفتش عن «الترند»، يظن أن في آخر إشعار... معنى ما، أو حضوراً ما، أو نجاة.
حتى السيارات لم تعد تنتظر طابور الوقود كما كنا نفعل. لقد غيّرت عاداتها، وباتت تبيت قرب محطات الشحن، أو تتغذى ليلاً من قابس كهربائي في ركن المنزل.
لكن السؤال الحقيقي: أين تبيت أجسادنا؟ وأين تأوي أرواحنا؟ وأين تُشحَن عقولنا بعد هذا اليوم الطويل؟
وأين تُشحن الأرواح؟ تُشحن في بيوتٍ أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه، وفي قبلةٍ على يدٍ حانية، تعبت يوماً ما وهي تطعم وتنظف وتربي، وفي قبلة رأسٍ لأبٍ حمل العناء وسكت.
وتُشحَن الأرواح في ركعة خاشعة... وفي طواف حول الكعبة، وفي سقيا شربة ماء، وفي رغيف يُمدّ لجائع، وفي ابتسامة تُهدي العزاء لمكلوم.
الأرواح ليست بحاجة إلى كابل... بل إلى صلة. ليست بحاجة إلى طاقة كهربائية... بل إلى نورٍ من الداخل، من القلب، من الله.
في الختام: في عالم صار كل شيء فيه قابلاً للشحن... لا تنس أن تشحن نفسك بما يُحييها لا بما يُثقلها، فبعض الشواحن تمدّك بطاقة... وبعضها يسرق منك عمرك دون أن تشعر.