حظي مقالاي الأخيران حول اقتراحات تعديل قانون الجنسية، وعن التكبر والتفاخر والتفرقة بين المواطنين، بأكثر من 200 ألف متابعة في وسائل التواصل، وقد رأيت أن أنقل بعض الصور التي رأى فيها المتابعون نوعاً من التكبر أو التفرقة بين المواطنين.
فمنهم من أشار إلى تكبّر بعض الأثرياء وحرصهم على إعلان وإظهار ثرواتهم والتباهي بها في كل مناسبة، وهناك مَن تحدث عن وجود مَن يفاخر بنسبه ويرفض الزواج من أسر وعائلات يرى أنها أدنى من نسبه، وهذا خلاف حديث «إنك امرؤ فيك جاهلية». وقال أحد المتابعين إن الأمر وصل بالبعض إلى الفخر بالمدينة أو القرية التي قَدِم منها أجداده قبل أكثر من مئة عام، مع نظرة بعدم المساواة مع مَن قَدِم من بلد آخر.
وقد انعكس هذا على الانتخابات، فلاحظ بعض المتابعين كيف تجمّع ناخبون في دوائر معينة حسب الأصل أو المدن التي قَدِموا منها إلى الكويت منذ حوالي قرنين من الزمان للفوز فيها على الآخرين، مما أدى إلى التفرق المذموم في العملية الانتخابية.
ومن المتابعين مَن رأى أن هناك مَن يفرّق بين المواطنين حسب درجة الجنسية ويعتقد أنهم يجب ألا يتساووا بنفس المعاملة، وهناك من ذكر حديثاً نبوياً يفهمه كثير من الناس بتفسير خاطئ، وهو حديث «لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية»، وهو حديث صحيح، ولكن ليس معناه أبناء القبائل، وإنما المقصود هو مَن سكن البادية وغلبت عليه الجهالة بأحكام الشرع وعدم القدرة على الإتيان بالشهادة على وجهها لبُعده عن القرى والمدن ومعاملاتهما.
ويستمر وصول صور التفرقة، فينقل أكثر من متابع نماذج مما يعتبره تكبّر بعض المسؤولين بمحاباة بعض الموظفين بسبب قربهم منه أو مذهبهم، فيفضلهم على الآخرين، وهذا من الظلم الذي حاربته الشريعة الإسلامية، وأشار بعض المتابعين إلى تدخّل بعض أعضاء مجلس الأمة السابقين بالواسطة لخدمة المقربين والمفاتيح الانتخابية وتكبّرهم حتى عن إجابة الاتصالات الهاتفية من بقية الناخبين، وأكد بعض المتابعين أن بعض الوزراء يمارس الفعل نفسه في عدم الاستجابة لطلب مقابلات أو قضاء حاجات بعض المواطنين، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَن ولّاه الله من أمر الناس شيئاً فاحتجب عن حاجتهم احتجب الله عن حاجته يوم القيامة».
وبالتأكيد، فإن عرض هذة الصور لا يعني أنها الأغلب في مجتمعنا، ولكن لنسأل أنفسنا بأمانة: هل هذه العيوب والتفرقة موجودة؟ وهل كان لها انعكاس على حياتنا الاجتماعية والسياسية؟ وهل هناك خوف من أن تغزو توجهات التفرقة (apartheid) بلادنا العزيزة؟ وهل تقوم السلطات بمكافحتها، أم على العكس يتم استغلالها وتقنينها؟ أليس إصلاحها هو دور الحكومة والجماعات السياسية وقادة الرأي في بلادنا من أجل مستقبل أفضل؟ وذلك حسب قول النبي الكريم: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً».