في بلد اعتادت به الرياضة أن تكون ملعباً للخلافات أكثر من كونها ساحة للمنافسات، يبدو أن الاتحاد الكويتي لكرة اليد قرر ألا يتأخر عن الركب! فالاتحاد – ورغم تاريخه الطويل وإنجازاته التي لا تُنكر – دخل مؤخراً في نزال «جمعوي» جديد، لا للارتقاء باللعبة أو حماية مكتسباتها، بل لتعديل بعض مواد النظام الأساسي... ويا للمفارقة!
اجتماع جمعية عمومية غير عادية – وربما غير مفهومة – فجّر الخلافات بين الأطراف، وكلٌّ يتمسك بشرعيته، وكأن القضية تتعلق بمصير الأمم، بينما في الحقيقة، الكرة اليدوية «تايهة» في الزاوية، تنظر بحسرة على زمنٍ كان فيه التتويج عادة لا استثناء.
ويبدو أن أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد قرروا، هذه المرة، أن يسجلوا هدفاً في مرماهم، لا بمهارة لاعب، بل بإبداع إداري منقطع النظير! فبين اجتماع ونظام أساسي معدل على عجل، تحولت الساحة إلى مسرح للعبث لا للعبة، واختفى الكلام عن البطولات والمنتخبات، ليحلّ محله صراخ وتخوين وادعاء شرعية.
نعم، نحن أمام فصل جديد من المسلسل الرياضي الكويتي: «من يسيطر؟ ومن يوقع أكثر؟»، أما عن اللعبة فلا أحد يذكرها، وكأن اليد مجرد شعار على كتاب النظام الأساسي، لا رياضة نفخر بها ولا منتخبات نسعى لتطويرها.
المهزلة لا تقف عند هنا، فالأندية – التي يُفترض بها أن تكون مؤسسات تطوير وتربية رياضية – أصبحت أدوات صراع ومراكز نفوذ، بعضهم يلعب لعبة «شلّ اتحاد»، وآخر يتفنن في إفساد كل استقرار، وكأن الإنجاز الحقيقي لديهم ليس اكتشاف لاعب أو الفوز ببطولة، بل إسقاط مجلس إدارة وجرّ الاتحاد إلى المحاكم والتحقيقات.
وعوضاً عن أن تكون الجمعيات العمومية ضمير الرياضة، أصبحت «أزرار تصويت»، يتحكم فيها من يدفع أكثر أو يوعِد بمنصب لاحق، أما التخطيط فمكانه الأرشيف، والمسابقات بانتظار جدول جديد بعدما تهدأ العاصفة، والمضحك المبكي أن لا أحد من الأطراف – على كثرة ما صرّح وهدد ووجّه الرسائل – تطرق إلى مصير المنتخبات الوطنية أو البطولات المحلية، أو حتى سأل عن حال اللاعبين، أو كيف نحافظ على تميز اليد الكويتية التي كانت لسنوات فخر اللعبة الجماعية الوحيدة التي تعرف منصات التتويج، لأن الخطة واضحة «احرق البيت بمن فيه، فقط لتثبت أنك الأقوى»! فهل نبالغ إن قلنا إن الصراعات باتت اللعبة الشعبية الأولى؟ وكل طرف يسعى لإثبات أنه «الأحق»، لا بالكفاءة ولا بالإنجاز، بل بعدد التواقيع ومقدار النفوذ.
بنلتي
إذا استمرت الرياضة تُدار بعقلية الانتقام والمصالح فإننا سنصل إلى مرحلة تحتاج فيها كل لعبة إلى حكم بين الأندية والاتحادات، لا بين فريقين على أرض الملعب! اتحاد اليد يستحق الصافرة... لكن ليس لنهاية الشوط، بل لنهاية العبث!