النوستالجيا، أو الحنين إلى الماضي، هي شعور إنساني عميق يرتبط بالذكريات الجميلة والمواقف التي تُعيد إلينا دفء الزمن البسيط. في الفن، تُستخدم النوستالجيا كأداة ذكية لاستقطاب الجمهور، وتحديداً في المسرح، حيث تلعب الذاكرة دوراً رئيساً في شد المتلقي إلى العرض، لكن هل تحوَّل هذا الحنين إلى فخ يُقيِّد الإبداع ويُكرِّر نفسه؟

في السنوات الأخيرة، برزت في الكويت ظاهرة فنية، وهي العودة إلى المسرحيات القديمة وإعادة إنتاجها أو تقديم عروض مُستوحاة منها. من مسرحية «زرقون»، إلى «ليلى والذيب»، حتى إعلان إعادة عرض مسرحية «سيف العرب» بنفس الطابع والأسلوب، أصبح المسرح الكويتي كأنه يدور في حلقة مغلقة من التكرار والاستنساخ.

Ad

الأسئلة المطروحة هنا كثيرة: هل هناك شُح في النصوص الجديدة؟ أم أن المنتجين يبحثون عن أسهل طريق لضمان الحضور الجماهيري؟ وهل الجمهور فعلاً لا يُريد الجديد، بل يفضِّل ما يعرفه ويتعلَّق به عاطفياً؟

الحقيقة أن الاعتماد المُفرط على النوستالجيا أفرغ المسرح من التجديد والابتكار. إعادة العروض القديمة من دون أي تطوير في القصة أو إعادة صياغة الحبكة، جعلت بعض المشاهدين يشعرون بالملل، بل والاستياء، من التكرار الذي لا يُقدم شيئاً جديداً، سوى استحضار أسماء شخصيات مألوفة ونكات مستهلكة.

ولو نظرنا إلى تجارب عالمية، مثل شركة ديزني، نراها تُعيد أفلامها منذ سنوات، والتي انتهجت استراتيجية قائمة على «إعادة إنتاج الكلاسيكيات» في شكل أفلام حيَّة (Live Action)، والهدف هو إعادة إحياء الذكريات لدى الجيل القديم، مع تقديمها للجيل الجديد بجودة بصرية وتقنية مبهرة. لكن، رغم ضخامة الإنتاج والميزانيات الخيالية، كانت النتيجة أقل بكثير من المتوقع، إضافة إلى إخفاق مستمر، مما يُضعف القيمة الفنية والدرامية.

فهل نحن أمام ظاهرة فنية ستستمر وتُعيد كل العروض القديمة؟ أم أنها مرحلة مؤقتة لملء فراغ نصي وإبداعي؟ الجواب يعتمد على الجرأة في التجديد، وعلى دعم الكُتَّاب والمخرجين الشباب، وإعطاء الفرصة لنصوص تواكب حاضرنا، لا تظل حبيسة الماضي.

بالقلم الأحمر:

النوستالجيا جميلة، لكن المسرح الحي لا يُبنى على الذكريات وحدها.