رغم اللقاء الثلاثي الذي جمع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، وقائد «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي، والمبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، توم براك، في دمشق أمس الأول، تصاعدت حدة التوتر مجدداً بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية الكردية، وسط تبادل اتهامات بشأن المسؤولية عن تعثر تنفيذ «اتفاق آذار» (مارس) الذي أُبرم بين الجانبين بوساطة أميركية في وقت سابق من هذا العام.

ووفق ما نقلته وسائل إعلام سورية، رفضت الحكومة السورية في اجتماع رسمي عُقد مؤخراً في دمشق، مقترحات قدمها وفد «قسد»، محذّرة من «تداعيات خطيرة» إذا استمرّ تأجيل تنفيذ الاتفاق أو الالتفاف عليه.

Ad

وبحسب هذه المصادر، تمسك وفد «قسد» بالانضمام إلى الجيش السوري كـ»قوة مستقلة» تحت مسمى «قوات سورية الديمقراطية»، مع الإبقاء على هيكليته العسكرية والإدارية، وهو ما رفضته دمشق رفضا قاطعا، مؤكدة أنه «لا مكان لأي تشكيل عسكري مستقل خارج إطار مؤسسة الجيش العربي السوري».

كما طالبت «الإدارة الذاتية» باعتماد صيغة حكم لا مركزي يمنحها صلاحيات إدارية وأمنية واسعة في شمال شرقي البلاد، الأمر الذي اعتبرته الحكومة السورية مخالفاً لمبدأ السيادة ووحدة الدولة، وشددت على أن جميع المناطق السورية، بما في ذلك تلك الواقعة تحت سيطرة «قسد»، يجب أن تخضع للسلطة الإدارية والأمنية المركزية في دمشق.

وأفادت وسائل الإعلام بأن وفد «قسد» طلب تمديد الفترة الزمنية المقررة لتنفيذ «اتفاق آذار»، مشيراً إلى تعقيدات ميدانية داخلية، بينما أصرت الحكومة السورية على ضرورة الالتزام الصارم ببنود الاتفاق دون مماطلة.

وكان «اتفاق آذار»، الذي وُقّع بوساطة أميركية ودولية، قد نص على إعادة دمج المؤسسات الرسمية في شمال شرقي سورية، وإعادة هيكلة القوات المحلية ضمن الجيش السوري، وتوحيد السلطة على المعابر والمطارات وحقول النفط، إضافة إلى ضمان حقوق جميع السوريين والمكوّن الكردي، وتأمين عودة المهجّرين ورفض أي مشروع تقسيمي.

في السياق، أبدت «الإدارة الذاتية» استياءها مما وصفته بـ»غياب الجدية» لدى الحكومة المؤقتة في تنفيذ الاتفاق، وأكدت أن أي تسوية سياسية يجب أن تضمن تمثيل إرادة سكان شمال شرقي سورية في الدستور والبرلمان والدفاع، رافضة العودة إلى صيغة «الدولة القومية المركزية».

كما اتهم «الحزب الديمقراطي الكردستاني – سورية» المبعوث الأميركي توم براك بإطلاق تصريحات «متسرعة»، معتبراً أنها «تزيد التوتر وتعقّد المشهد السوري»، وتشكل «إجحافا بحق قوات سورية الديمقراطية».

وكان براك قد شدد خلال زيارته إلى دمشق ولقائه الشرع وعبدي على أن «قسد تبدي بطئاً في التجاوب مع مسار الاندماج»، مضيفا أنه «لا طريق أمامها سوى دمشق»، ومشيداً بـ»مرونة الحكومة السورية المؤقتة في تقديم خيارات واقعية».

في المقابل، أصدرت الحكومة السورية بيانا جدّدت فيه تمسكها بوحدة البلاد على قاعدة «دولة واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة»، مرحبة بدمج مقاتلي «قسد» ضمن الجيش السوري وفق الأطر الدستورية، ومؤكدة أن المكوّن الكردي جزء أصيل من النسيج الوطني السوري، وأن الحقوق تُصان ضمن الدولة، لا خارجها.

يُشار إلى أن «قسد» لا تزال تسيطر على مساحات شاسعة في شمال سورية وشرقها، تضم أبرز حقول النفط والغاز، إلى جانب مخيمات ومراكز احتجاز لعناصر تنظيم «داعش»، ما يجعل التفاهم حول مصير تلك المناطق عاملاً حاسماً في مستقبل التسوية السورية.